للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتَجَّا بأنَّها عِبادةٌ تَتعلَّقُ بالبَيتِ، فلا يُجزِئُ فِعلُها على الراحِلةِ كالصَّلاةِ، واحتَجَّ أصحابُنا بالأحاديثِ السابِقةِ، قالوا: «إنَّما طافَ النَّبيُّ راكِبًا لشَكوى عرَضتْ له»، كذا رَواه أبو داودَ (١) في سُننِه عن ابنِ عَباسٍ.

والجَوابُ: أنَّ الأحاديثَ الصَّحيحةَ الثابِتةَ من رِوايةِ جابرٍ وعائشةَ مُصرِّحةٌ بأنَّ طَوافَه راكِبًا لم يَكنْ لمَرضٍ، بل كان ليَراه الناسُ ويَسألوه ولا يُزاحِموا عليه.

وأمَّا حَديثُ ابنِ عَباسٍ هذا فضَعيفٌ، وأمَّا قياسُهم على الصَّلاةِ ففاسِدٌ؛ لأنَّ الصَّلاةَ لا تَصحُّ راكِبًا إذا كانَت فَريضةً وقد سلَّموا صِحةَ الطَّوافِ، ولكنِ ادَّعوْا وُجوبَ الدَّمِ، ولا دَليلَ لهم في ذلك، واللهُ أعلمُ (٢).

وعن الإمامِ أحمدَ رِوايةٌ ثالِثةٌ أنَّه لا يُجزِئُه مُطلقًا إنْ طافَ راكِبًا مع قُدرَتِه على المَشيِ؛ لأنَّ النَّبيَّ قال: «الطَّوافُ بالبَيتِ صَلاةٌ» (٣)، ولأنَّها عِبادةٌ تَتعلَّقُ بالبَيتِ فلم يَجزْ فِعلُها راكِبًا لغيرِ عُذرٍ كالصَّلاةِ (٤).


(١) حَديثٌ ضَعيفٌ: ضعيف أبي داود (٣٣٧).
(٢) «المجموع» (٨/ ٢٧)، و «المغني» (٤/ ٥٩٣).
(٣) حَديثٌ صَحيحٌ: رواه الترمذي (١/ ١٨٠)، والدارمي (٢/ ٤٤)، وابن خزيمة (٢٧٣٩)، وابن حبان (٨٩٩).
(٤) «المغني» (٤/ ٥٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>