للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالِكٌ : ولا بأسَ بالأخذِ من طُولِها إذا طالَت طُولًا كَثيرًا بحيث خرَجَت عن المُعتادِ لغالِبِ الناسِ فيُقصُّ الزائِدُ؛ لأنَّ بَقاءَه يَقبُحُ به المَنظرُ، وحُكمُ الأخذِ النَّدبُ فلا بأسَ هنا لمَا هو خَيرٌ من غيرِه، والمَعروفُ لا حَدَّ للمَأخوذِ، ويَنبَغي الاقتِصارُ على ما تَحسُنُ به الهَيئةُ، وقالَ الباجيُّ: يَقصُّ ما زادَ على القَبضةِ، ويَدلُّ عليه فِعلُ عُمرَ وأبي هُريرةَ؛ فإنَّهما كانا يَأخُذانِ من لِحيتَيهما ما زادَ على القَبضةِ، والمُرادُ بطُولِها طُولُ شَعرِها، فيَشملُ جَوانبَها، فلا بأسَ بالأخذِ منها أيضًا، ولمَّا كانَ قَولُه: قالَ مالِكٌ: ولا بأسَ، يُوهمُ انفِرادَ مالِكٍ بقَولِه قالَ، وقالَه -أي: نَدبُ الأخذِ من الطَّويلةِ، قبلَ مالِكٍ- غيرُ واحِدٍ من الصَّحابةِ وغيرُ واحِدٍ من التابِعينَ رَضيَ اللهُ عن الجَميعِ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: لا يُكرهُ أخذُ ما زادَ على القَبضةِ.

قالَ الإمامُ ابنُ مُفلِحٍ : ولا يُكرهُ أخذُ ما زادَ على القَبضةِ، ونَصُّه: لا بأسَ بأخذِه وما تحتَ حَلقِه لفِعلِ ابنِ عُمرَ، لكنْ إنَّما فعَلَه إذا حَجَّ أو اعتمَرَ، رَواه البُخاريُّ، وفي «المُستوعِب»: وتَركُه أَولى، وقيلَ: يُكرهُ، وأخَذَ أحمَدُ من حاجِبَيه وعارِضَيه، نقَلَه ابنُ هانئٍ (٢).

قالَ ابنُ هانئٍ: سألتُ أبا عبدِ اللَّهِ عن الرَّجلِ يَأخذُ من عارِضَيه؟

قال: يَأخذُ من اللِّحيةِ ما فضَلَ عن القَبضةِ.


(١) «الفواكه الدواني» (١/ ٢/ ٣٠٧).
(٢) «الفروع» (١/ ١٠٠)، و «المبدع» (١/ ١٠٥)، و «الإنصاف» (١/ ١٢١)، و «كشاف القناع» (١/ ٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>