للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدِهما عقبَ الآخَرِ، ولم يَختَلِفوا أنَّ النِّساءَ كلَّهُنَّ في ذلك سَواءٌ … » (١).

إلا أنَّ المالِكيةَ قالوا: يَجوزُ لها أنْ تَخرجَ إلى الحَجِّ مع رُفقةٍ آمِنةٍ إذا عُدم الزَّوجُ أو المَحرَمُ أو عندَ امتِناعِهما أو عَجزِهما، ولا بدَّ أنْ تَكونَ مَأمونةً في نَفسِها، فإنِ امتنَع الزَّوجُ أو المَحرَمُ من السَّفرِ معها إلا بأُجرةٍ لزِمتها، وحرُم عليها حينَئذٍ السَّفرُ مع الرُّفقةِ المَأمونةِ.

قال الدُّسوقيُّ : ومَحلُّ لُزومِ الأُجرةِ لها إنْ كانت لا تُجحِفُ بها على الظاهرِ، وإنْ كان ظاهرُ كَلامِهم أنَّه يَلزمُها ذلك مُطلقًا (٢).

أمَّا عندَ الشافِعيةِ فهي مُخيَّرةٌ بينَ أنْ تَكونَ في صُحبةِ زَوجٍ أم مَحرَمٍ أو رُفقةٍ آمِنةٍ، إلا أنَّها يَلزمُها أُجرةُ المَحرَمِ إذا لَم يَخرجْ معها إلا بها.

وهذا الخِلافُ السابِقُ في اشتِراطِ المَحرَمِ وعَدمِه في حَجِّ الفَريضةِ، أمَّا حَجُّ التطوُّعِ فلا يَجوزُ للمَرأةِ السَّفرُ له إلا مع زَوجٍ أو ذي مَحرَمٍ فقط اتَّفاقًا، ولا يَجوزُ لها السَّفرُ بغيرِهما، بل تَأثمُ به.

وقد حكى النَّوويُّ وَجهًا بجوازِ أنْ تُسافرَ المَرأةُ في حَجِّ التطوُّعِ بدونِ مَحرَمٍ وضعَّفه (٣).


(١) «فتح الباري» (٤/ ٩٠، ٩١).
(٢) «حاشية الدسوقي» (٢/ ٢١٠).
(٣) «المجموع» (٧/ ٨٦، ٨٧)، ويُنظر: «الاستذكار» (٤/ ٤١١، ٤١٣)، و «الكافي» (١/ ٦١١)، و «الذخيرة» (٣/ ١٨٠)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٥٢١)، و «شرح مختصر خليل» (٢/ ٢٨٧)، و «الموطأ» (١/ ٤٢٥)، و «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٢/ ٢١٠)، و «بداية المجتهد» (١/ ٤٣٨)، و «الإشراف» ص (٢١٦، ٢١٧)، و «الحاوي الكبير» (٢/ ٣٦٣)، و «مغني المحتاج» (٢/ ٢٣٣)، و «المغني» (٤/ ٣٣٤)، و «الإنصاف» (٣/ ٤١٥)، و «الإفصاح» (١/ ٤٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>