للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشافِعيُّ: لا يَفسُدُ اعتِكافُه لِقَولِ النَّبيِّ : «رُفِعَ عن أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وما اسْتُكْرِهُوا عليه» (١).

ولأنَّها مُباشَرةٌ لا تُفسِدُ الصَّومَ -يَعني الوَطءَ ناسيًا عندَ الشافِعيِّ- فلم تُفسِدْ الاعتِكافَ.

واختَلَفوا أيضًا في القُبلةِ واللَّمسِ لِشَهوةٍ، فقال أبو حَنفيةَ وأحمدُ والشافِعيُّ في أحَدِ قَولَيْه: لا يَفسُدُ اعتِكافُه إلا أنَّه قد أساءَ وأتى بمُحرَّمٍ لِقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: ١٨٧]، ولِقَولِ عائِشةَ : «السُّنَّةُ على الْمُعْتَكِفِ أَلَّا يَعُودَ مَرِيضًا ولا يَشْهَدَ جَنَازَةً ولا يَمَسَّ امْرَأَةً ولا يُبَاشِرَهَا» (٢).

ولأنَّه لا يأمَنُ إفضاءَها إلى إفسادِ الاعتِكافِ، وما أفضَى إلى الحَرامِ كان حَرامًا، فإنْ فعَل فأنزَل فَسَد اعتِكافُه وإنْ لم يُنزِلْ لم يَفسُدْ.

وقال الإمامُ مالِكٌ والشافِعيُّ في القَولِ الثاني وهو الأصَحُّ: يَفسُدُ اعتِكافُه بذلك سَواءٌ، لِعُمومِ الآيةِ، ولأنَّها مُباشَرةٌ لو قارَنها الإنزالُ لم يَصحَّ الاعتِكافُ معها، فكذلك إذا عُرِّيت منه، كالإيلاجِ، ثم إنَّ الجُمهورَ الحَنفيَّةَ والمالِكيَّةَ والشافِعيَّةَ والحَنابِلةَ في المَذهبِ ذهَبوا إلى أنَّ الجِماعَ المُفسِدَ لِلاعتِكافِ المَنذورِ المُتتابِعِ من المُعتكِفِ الذاكِرِ له العالِمِ بتَحريمِه لا تَلزمُه الكَفَّارةُ.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقدَّم.
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>