للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّومِ، وقد أبطَل عَملَه الذي أمرَ اللهُ بتَمامِه ونَهاه عن إبطالِه، والنَّهيُ عن الشَّيءِ يَقتَضي الأمرَ بضِدِّه، وقد قال اللهُ ﷿: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾، وهذا يَقتَضي عُمومُه الفَرضَ والنَّفلَ كما قال ﷿: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾، وقد أجمَعوا على أنَّ المُفسِدَ لِحَجَّةِ التَّطوُّعِ أو عُمرَتِه عليه القَضاءُ، فالقياسُ على هذا الإجماعِ إيجابُ القَضاءِ على مُفسِدِ صَومِه عامِدًا قياسٌ صَحيحٌ، وقد ثبَت عن النَّبيِّ أنَّه قال: «إذا دُعِي أحَدُكم إلى طَعامٍ فليُجِبْ؛ فإنْ كان مُفطِرًا فليَأكُلْ» (١).

ورُوِي: «فإنْ شَاءَ أَكَلَ وإنْ كان صائِمًا فلْيَدْعُ».

ورُويَ: «فلْيُصَلِّ» يُريدُ فليَدْعُ، ورُوي في هذا الحَديثِ أيضًا: «وإنْ كان صائِمًا فلا يَأكُلْ».

فلو كان الفِطرُ في التَّطوُّعِ حَسنًا لَكانَ أفضَلُ ذلك وأحسَنُه إجابةَ الدَّعوةِ التي هي سُنَّةٌ مَسنونةٌ، فلَمَّا لم يَكُنْ ذلك كذلك عُلِمَ أنَّ الفِطرَ في التَّطوُّعِ لا يَجوزُ، وقد رُوي عن النَّبيِّ أنَّه قال: «لا تَصومُ امرأةٌ زَوجُها شاهِدٌ يَومًا من غَيرِ شَهرِ رَمضانَ إلا بإذنِه» (٢).

وفي هذا ما يَدُلُّ على أنَّ المُتطوِّعَ لا يُفطِرُ ولا يُفطِرُ غَيرَه؛ لأنَّه لو كان لِلرَّجُلِ أنْ يُفسِدَ عليها لَما احتاجَت إلى إذنِه، ولو كان مُباحًا كان ذلك لا مَعنى له، واللهُ أعلَمُ.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقدَّم.
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٢٤٥٩)، وابن حبان في «صحيحه» (٤/ ٣٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>