للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكنْ قيَّده الحَنفيَّةُ بأمرَيْن:

الأولُ: أنْ يَخافَ على نَفسِه الهَلاكَ، بغَلبةِ الظَّنِّ، لا بمُجرَّدِ الوَهمِ، أو يَخافُ نُقصانَ العَقلِ، أو ذَهابَ بَعضِ الحَواسِّ، كالحامِلِ والمُرضِعِ إذا خافَتا على نَفْسَيْهما الهَلاكَ أو على وَلَدَيْهما.

الثاني: ألَّا يَكونَ ذلك بإتعابِ نَفسِه؛ إذْ لو كان به تَلزمُه الكَفَّارةُ، وقيلَ: لا (١).

وألحَقه بَعضُ الفُقهاءِ بالمَرضِ فقال الحِصنيُّ: واعلَمْ أنَّ غَلبةَ الجُوعِ والعَطشِ كالمَرضِ (٢).

وقال القَليوبيُّ: ومِثلُ المَرضِ غَلبةُ جُوعٍ وعَطَشٍ، لا نَحوَ صُداعٍ، ووَجعِ أُذُنٍ وسِنٍّ خَفيفٍ.

ومَثَّلوا له بأربابِ المِهنِ الشاقَّةِ، كالحَصَّادِ والبَنَّاءِ والحارِسِ، لكنْ قالوا: يَجِبُ عليه أنْ يَنويَ الصِّيامَ لَيلًا؛ فإنْ لَحِقتْه مَشقَّةٌ أفطَر (٣).

أمَّا الحَنفيَّةُ فجاء في الدُّرِّ المُختارِ قَولُه: [فُروعٌ] لا يَجوزُ أنْ يَعملَ عَملًا يَصِلُ به إلى الضَّعفِ، فيَخبِزُ نِصفَ النَّهارِ ويَستريحُ الباقيَ؛ فإنْ قال: لا يَكفيني، كُذِّبَ بأقصَرِ أيامِ الشِّتاءِ؛ فإنْ أجهَدَ الْحُرُّ نَفسَه بالعَملِ حتى مَرِض فأفطَر ففي كَفَّارَتِه قَولان، قُنْيَةٌ وفي البَزَّازيةِ: لو صامَ عجَز عن القيامِ صامَ وصَلَّى قاعِدًا جَمعًا بينَ العبادَتَيْن.


(١) «مراقى الفلاح» (٣٧٤)، و «رد المحتار» (٢/ ١١٤، ١١٥).
(٢) «كفايه الأخيار» (٢٥٧).
(٣) «حاشية القليوبي على شرح المحلى» (٢/ ٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>