للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَب الشافِعيَّةُ في المَذهبِ والحَنابِلةُ وابنُ عَبدِ البَرِّ ومُطرِّفٌ من المالِكيَّةِ إلى أنَّه لو أصبَح صائِمًا في السَّفرِ ثم أرادَ الفِطرَ، جازَ له الفِطرُ من غَيرِ عُذرٍ؛ لأنَّ العُذرَ قائِمٌ -وهو السَّفرُ- أو لِدَوامِ العُذرِ (١).

وممَّا استدَلُّوا به حَديثُ ابنِ عَباسٍ : «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ خَرَجَ إلى مَكَّةَ في رَمَضَانَ فَصَامَ حتى بَلَغَ الْكَدِيدَ أَفْطَرَ فَأَفْطَرَ الناسُ» (٢).

وحَديثُ جابِرٍ : «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ خَرَجَ إلَى مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ فَصَامَ حتى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ، وَصَامَ الناسُ معه، فَقِيلَ له: إنَّ الناسَ قد شَقَّ عليهم الصِّيامُ، وَإِنَّ الناسَ يَنْظُرُونَ فِيمَا فَعَلْتَ، فَدَعَا بِقَدَحٍ من مَاءٍ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَشَرِبَ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إلَيْهِ، فَأَفْطَرَ بَعْضُهُمْ وَصَامَ بَعْضُهُمْ فَبَلَغَهُ أَنَّ نَاسًا صَامُوا، فقال: أُولَئِكَ الْعُصَاةُ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ» (٣).

قال ابنُ قُدامةَ : وهذا نَصٌّ صَريحٌ لا يُعرَّجُ على مَنْ خالَفه (٤).


(١) «روضة الطالبين» (٢/ ٣٦٩)، و «المجموع» (٧/ ٤٢٨)، و «النجم الوهاج» (٣/ ٣٣٠)، و «شرح المحلي على المنهاج» (٢/ ٦٤)، و «الوجيز» (١/ ١٠٣)، و «القوانين الفقهية» (٨٢)، و «المغني» (٤/ ١٤٣)، و «التمهيد» (٢٢/ ٥٣).
(٢) رواه البخاري (١٨٤٢)، ومسلم (١١١٣) والكَديدُ: ماءٌ بينَ عُسفانَ وقُديد.
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقدَّم. وكُراعُ الغَميمِ: مَوضعٌ بناحيةِ الحِجازِ بينَ مَكَّةَ والمَدينةِ، وهو وادٍ أمامَ عُسفانَ بثَمانيةِ أَميالٍ، وهذا الكُراعُ جَبلٌ أَسودُ في طَرفِ الحرَّةِ يَمتدُّ إليه. «معجم البلدان» (٤/ ٤٤٣).
(٤) «المغني» (٤/ ١٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>