للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوُصولُ لِوُجودِ المَنفَذِ إلى الجَوفِ، وهو السَّببُ، فيُبنى الحُكمُ على الظاهِرِ، وهو الوُصولُ عادةً.

وقال الصاحبان: لا يُفطِرُ لِعَدمِ العِلمِ به، فلا يُفطِرُ بالشَّكِّ، فهما يُعتبَران المَخارِقَ الأصليَّةَ؛ لأنَّ الوُصولَ إلى الجَوفِ من المَخارِقِ الأصليَّةِ مُتيَقَّنٌ به، ومِن غَيرِهما مَشكوكٌ به، فلا نَحكُمُ بالفَسادِ مع الشَّكِّ.

وأمَّا إذا كان الدَّواءُ يابِسًا، فلا فِطرَ اتِّفاقًا؛ لأنَّه لم يَصِلْ إلى الجَوفِ ولا إلى الدَّماغِ.

لكنْ قال البابَرتيُّ : وأكثَرُ مَشايِخِنا على أنَّ العِبرةَ بالوَصلِ، حتى إذا عَلِم أنَّ الدَّواءَ اليابِسَ وصَل إلى جَوفِه، لم يَفسُدْ صَومُه عندَه، إلا أنَّه ذكَر الرَّطبَ واليابِسَ بِناءً على العادةِ، وإذا لم يَعلَمْ يَقينًا فسَد عندَ أبي حَنيفةَ، نَظرًا إلى العادةِ، لا عِندَهما (١).

وذهَب المالِكيَّةُ وشَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ إلى عَدمِ الإفطارِ بمُداواةِ الجِراحِ؛ لأنَّه ليس بمَنفذٍ إلى الجَوفِ، فحُصولُ الشَّيءِ، فيه لا يُوجِبُ الإفطارَ، كداخِلِ الفَمِ والأنفِ.

وقال الدَّرديريُّ، مُعلِّلًا عَدمَ الإفطارِ بوَضعِ الدُّهنِ على الجائِحةِ والجُرحِ الكائِنِ في البَطنِ الواصِلِ لِلجَوفِ: أنَّه لا يَصِلُ لِمَحلِّ الطَّعامِ والشَّرابِ وإلا ماتَ من ساعَتِه (٢).


(١) «شرح الهداية مع العناية» للبابرتي مع «فتح القدير» (٢/ ٢٦٦، ٢٦٧).
(٢) «الشرح الكبير» (١/ ٥٣٣)، و «المدونة» (١/ ١٩٨)، و «القوانين الفقهية» (٨٠)، و «الإنصاف» (٣/ ٢٩٩)، و «مراقي الفلاح» (٣٦٨)، و «فتح القدير» (٢/ ٢٦٧)، و «كشاف القناع» (٣١٨)، و «المغني» (٤/ ١٥٦)، و «الإفصاح» (١/ ٣٩٢)، و «الإشراف» (٢٠٤)، و «الشرح الصغير» (١/ ٤٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>