للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُريرةَ أنَّ النَّبيَّ قالَ: «لا تَبُلْ في الماءِ الدَّائِمِ الذي لا يَجري ثم تَغتسِلْ منه» (١).

وتَكونُ الكَراهةُ تَنزيهيةً إنْ كانَ الماءُ جاريًا.

قالَ ابنُ عابِدينَ: والمَعنى فيه أنَّه يُقذِّرُه وربَّما أدَّى إلى تَنجُّسِه.

وأمَّا الراكِدُ القَليلُ فيَحرمُ البَولُ فيه؛ لأنَّه يُنجِّسُه ويُتلِفُ ماليَّتَه ويُغري غيرَه باستِعمالِه، والتَّغوطُ في الماءِ أقبَحُ من البَولِ، وكذا لو بالَ في إناءٍ ثم صبَّه في الماءِ، أو بالَ بجِوارِ النَّهرِ فجَرى إليه فكلُّه مَذمومٌ قَبيحٌ مَنهيٌّ عنه (٢).

وقالَ الحَطَّابُ : قالَ القاضِي عِياضٌ «من المالِكيةِ»: النَّهيُ الوارِدُ من الحَديثِ هو نَهيُ كَراهةٍ وإرشادٍ، وهو في القَليلِ أشَدُّ؛ لأنَّه يُفسدُه.

وقيلَ: النَّهيُ للتَّحريمِ؛ لأنَّ الماءَ قد يَفسُدُ لتَكرُّرِ البائِلينَ ويَظنُّ المارُّ أنَّه قد تغيَّرَ من قَرارِه، ويُلحقُ بالبَولِ التَّغوطُ وصَبُّ النَّجاسةِ.

وقالَ ابنُ ناجي في «شَرح المُدوَّنة»: الجارِي على أصلِ المَذهبِ أنَّ الكَراهةَ على التَّحريمِ في القَليلِ، إذْ قد يَتغيَّرُ فيُظنُّ أنَّه من قَرارِه (٣).

وقالَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ: يُكرهُ البَولُ في الماءِ الراكِدِ قَليلًا كانَ أو كَثيرًا للحَديثِ.


(١) رواه البخاري (٢٣٩)، ومسلم (٢٨٢).
(٢) «حاشية ابن عابدين» (١/ ٥٥٥)، و «حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح» (١/ ٣٥).
(٣) «مواهب الجليل» (١/ ٢٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>