للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ في «شَرح الغايةِ»: «مَنْ له كُتبٌ يَحتاجُ إليها للحِفظِ والمُطالَعةِ أو لها حُليٌّ للُّبسِ أو لكِراءٍ تَحتاجُ إليه فلا يَمنعُها ذلك من أخذِ الزَّكاةِ» (١).

ولا يَجوزُ له أنْ يَصرِفَ زَكاةَ مالِه إلى نَفسِه إذا كانَ مُحتاجًا، قالَ ابنُ القَيمِ : فإنْ قيلَ: فهل يَجوزُ له إذا كانَ فَقيرًا له عِيالٌ وعليه زَكاةٌ يَحتاجُ إليها أنْ يَصرفَها إلى نَفسِه وعِيالِه؟

قيلَ: لا يَجوزُ ذلك لعَدمِ الإِخراجِ المُستحَقِّ عليه، ولكنْ للإمامِ أو الساعِي أنْ يَدفعَ زَكاتَه إليه بعدَ قَبضِها منه في أصَحِّ الرِّوايتَينِ عن أحمدَ.

فإنْ قيلَ: فهل له أنْ يُسقطَها عنه؟

قيلَ: لا نصَّ عليه، والفَرقُ بينَهما واضِحٌ (٢).

وذهَبَ الإمامُ أحمَدُ في الرِّوايةِ الثانيةِ وعليها ظاهِرُ المَذهبِ: إلى أنَّه إنْ وجَدَ كِفايتَه فهو غَنيٌّ، وإنْ لم يَجدْ وكانَ لَديه خَمسونَ دِرهمًا أو قيمَتُها من الذَّهبِ خاصَّةً فهو غَنيٌّ، ولو كانَت لا تَكفيه؛ لحَديثِ: «مَنْ سأَلَ الناسَ وله ما يُغنِيه جاءَ يومَ القِيامةِ ومَسأَلتُه في وَجهِه خُموشٌ أو خُدوشٌ أو كُدوحٌ. قِيلَ: يا رَسولَ اللَّهِ: وما يُغنِيه؟ قالَ: خَمسونَ دِرهمًا أو قِيمتُها مِنْ الذَّهبِ» (٣). وإنَّما فرَّقوا بينَ الأَثمانِ وغيرِها اتِّباعًا للحَديثِ (٤).


(١) «شرح غاية المنتهى» (٢/ ١٣٥).
(٢) «زاد المعاد» (٥/ ٣٣٦، ٣٣٧).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه ابو داود (١٦٢٦)، والترمذي (٣/ ٦٥٠)، والنسائي (٢٥٩١)، وابن ماجه (١٨٤٠)، وغيرهم.
(٤) «المغني» (٣/ ٤٣٧)، و «الإنصاف» (٣/ ٢٢٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (١/ ٤٢٤)، و «الإفصاح» (١/ ٣٧٣)، و «بداية المجتهد» (١/ ٣٨٠)، و «الشرح الصغير» (١/ ٤٢٥)، و «المجموع» (٧/ ٣٢٥، ٣٢٦)، و «مجموع الفتاوى» (١١/ ٢٠)، و «جواهر العقود» (١/ ٣٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>