والمُعتبَرُ في الدَّفعِ نيَّةُ الآمِرِ حتى لو دفَعَ خَمسةً إلى رَجلٍ وأمرَه أنْ يَدفعَها إلى الفَقيرِ عن زَكاةِ مالِه فدفَعَ ولم تَحضُرْه النيَّةُ عندَ الدَّفعِ جازَ؛ لأنَّ النيَّةَ إنَّما تُعتبَرُ من المُؤدِّي، والمُؤدِّي هو الآمِرُ في الحَقيقةِ، وإنَّما المَأمورُ نائِبٌ عنه في الأداءِ، ولِهذا لو وكَّلَ ذِميًّا بأداءِ الزَّكاةِ جازَ؛ لأنَّ المُؤدِّيَ في الحَقيقةِ هو المُسلِمُ.
قال الكاسانِيُّ ﵀: وذُكِر في الفَتاوى عن الحَسنِ بنِ زِيادٍ في رَجُلٍ أَعطى رَجلًا دَراهمَ لِيَتصدَّقَ بها تَطوُّعًا ثم نَوى الآمِرُ أنْ يَكونَ ذلك مِنْ زَكاةِ مالِه، ثم تَصدَّقَ المَأمورُ، جازَ عن زَكاةِ مالِ الآمِرِ.
وكذا لو قالَ:«تَصدَّقْ بها عن كَفارةِ يَميني»، ثم نَوى الآمِرَ عن زَكاةِ مالِه جازَ لما ذكَرْنا أنَّ الآمِرَ هو المُؤدِّي من حيثُ المَعنى، وإنَّما المَأمورُ نائِبٌ عنه (١).
وعندَ المالِكيةِ: تَجبُ نيَّةُ الزَّكاةِ عندَ عَزلِها أو دَفعِها لمُستحِقِّها، ويَكفي أحدُهما، فإنْ لم يَنوِ عندَ العَزلِ ولا الدَّفعِ وإنَّما نَوى بعدَه أو قبلَها لم تُجِزئْه.
وإذا نَواها عندَ العَزلِ وسرَقَها مَنْ يَستحِقُّها: أجزَأتْ.
وإنَّما احتاجَت إلى نيَّةٍ؛ لأنَّها عِبادةٌ مُشتمِلةٌ على واجِبٍ وغَيرِه فاحتاجَت إليها.
(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٤٠، ٤١). وينظر: «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٢٦٨)، و «الأشباه والنظائر» ص (٤٤)، و «درر الحكام شرح غرر الأحكام» (٢/ ٣١٧).