للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ المالِكيةُ: تَجبُ -تَتعلَّقُ- في المَعدِنِ من ذَهبٍ أو فِضةٍ دونَ غيرِها الزَّكاةُ؛ لأنَّ غيرَ الذَّهبِ والفِضةِ من المَعادِنِ ليسَت من الأَموالِ المُزكَّاةِ، فلم يَجبْ فيها حَقُّ المَعدِنِ، والأصلُ عَدمُ الوُجوبِ، وقد ثبَتَت في الذَّهبِ والفِضةِ بالإِجماعِ؛ فلا تَجبُ فيما سِواه إلا بدَليلٍ صَريحٍ.

أمَّا القَدرُ الواجِبُ فيه فعن مالِكٍ فيه رِوايتانِ: إِحداهُما: فيه رُبعُ العُشرِ؛ «لأنَّ رَسولَ اللهِ أَقطَعَ بِلالَ بنَ الحارِثِ المُزنِيَّ مَعادِنَ القَبليَّةِ وَهِيَ من نَاحِيَةِ الفَرعِ، فتِلكَ المَعادِنُ لَا يُؤخَذُ منها إلا الزَّكاةُ إلَى اليَومِ» (١)؛ ولأنَّه مُستَفادٌ من الأرضِ بكُلفةٍ ومُؤنةٍ فوجَبَ فيه الزَّكاةُ، لا الخُمسُ كالزَّرعِ.

والرِّوايةُ الثانيةُ عنه وهي المَذهبُ: إنْ أَصابَها مُجتمِعةً من غيرِ تَعبٍ ومُعالَجةٍ وجَبَ فيه الخُمسُ، وإنْ أَصابَها مُتفرِّقةً بتَعبٍ ومُؤنةٍ فرُبعُ العُشرِ؛ لأنَّه حَقٌّ يَتعلَّقُ بالمُستَفادِ من الأرضِ، فاختَلفَ قَدرُه باختِلافِ المُؤنِ كزَكاةِ الزُّروعِ (٢).

وأمَّا الشافِعيةُ فهُم كالمالِكيةِ في أنَّه لا تَجبُ إلا في الذَّهبِ والفِضةِ دونَ غيرِها، إلا أنَّ الشافِعيةَ اختلَفوا في قَدرِ الواجِبِ في المَعدِنِ على ثَلاثةِ أَقوالٍ:


(١) حَديثٌ ضَعيفٌ: تَقدَّم.
(٢) «الموطأ» (١/ ٢٤٨)، و «الاستذكار» (٣/ ١٤٤)، و «التمهيد» (٣/ ٢٣٩)، والخرشي (٢/ ٢٠٨، ٢٠٩)، والدسوقي (١/ ٤٠٦)، و «الشرح الصغير» (١/ ٤٢٣)، و «المنتقى» للباجي (٢/ ١٠٣، ١٠٤)، و «الإشراف» (١/ ١٨٣)، والزرقاني (٢/ ١٣٨)، و «الإفصاح» (١/ ٣٣٥، ٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>