للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: ويُؤيِّدُ ذلك من الاعتِبارِ والقِياسِ أنَّ العَسلَ يَتولَّدُ مِنْ نُورِ الشَّجرِ والزَّهرِ، ويُكالُ ويُدَّخرُ، فوجَبَت فيه الزَّكاةُ كالحَبِّ والتَّمرِ؛ ولأنَّ الكُلفةَ فيه دونَ الكُلفةِ في الزُّروعِ والثِّمارِ (١).

ثم ذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّه يُشتَرطُ أَمرانِ:

الأولُ: ألَّا يَكونَ النَّحلُ في أرضٍ خَراجيَّةٍ؛ لأنَّ الخَراجيَّةَ يُؤخَذُ منها الخَراجُ، ولا يَجتمِعُ عندَهم عُشرٌ وخَراجٌ؛ لأنَّ أرضَ الخَراجِ قد وجَبَ على مالِكِها الخَراجُ لِأجلِ نَمائِها وزَرعِها، فلم يَجبْ فيها حَقٌّ آخَرُ لِأجلِها، وأرضُ العُشرِ لم يَجبْ في ذمَّتِه حَقٌّ عنها؛ فلذلك وجَبَ الحَقُّ فيما يَكونُ منها.

الثاني: إنْ كانَ النَّحلُ في أرضِ مَفازةٍ أو جَبلٍ غيرِ مَملوكٍ فلا زَكاةَ فيه إلا إنْ حفِظَه الإمامُ من اللُّصوصِ وقُطَّاعِ الطَّريقِ، وقالَ أبو يُوسفَ: لا زَكاةَ إلا إنْ كانَت الأرضُ مَملوكةً (٢).

وذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ إلى أنَّ العَسلَ لا زَكاةَ فيه، واحتجُّوا على ذلك بأمرَينِ:

الأولُ: ما قالَ ابنُ المنذِرِ : ليسَ في وُجوبِ الصَّدقةِ فيه خبَرٌ يَثبُتُ ولا إِجماعٌ؛ فلا زَكاةَ فيه.


(١) «زاد المعاد» (٢/ ١٥).
(٢) «فتح القدير» (٢/ ٦)، و «بدائع الصنائع» (٢/ ٥٣٨)، و «أحكام القرآن» للجصاص (٤/ ٣٦٤)، و «ابن عابدين» (٢/ ٤٩)، و «المجموع» (٧/ ٦)، و «المغني» (٣/ ٤٩٨)، و «الإفصاح» (١/ ٣٢٤)، و «منار السبيل» (١/ ١٨٨)، و «التحقيق» لابن الجوزي (٢/ ٣٩)، و «المجموع» (٧/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>