للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّصابِ، فوجَبَ ضَمُّه إليه في الحَولِ كالنِّتاجِ؛ ولأنَّ النِّصابَ سَببٌ والحَولُ شَرطٌ، فإذا ضُمَّ في النِّصابِ الذي هو سَببٌ فضَمُّه إليه في الحَولِ الذي هو شَرطٌ أَولى، وبَيانُ ذلك أنَّه لو كانَ عندَه مِئتا دِرهَمٍ مَضى عليها نِصفُ الحَولِ فوُهبَ له مِئةٌ أُخرى، فإنَّ الزَّكاةَ تَجبُ فيها إذا تَمَّ حَولُها بغيرِ خِلافٍ، ولولا المِئتانِ ما وجَبَ فيها شَيءٌ، فإذا ضُمَّت إلى المِئتَينِ في أصلِ الوُجوبِ فكذلك في وَقتِه؛ ولأنَّ إِفرادَه بالحَولِ يُفضي إلى تَشقيصِ الواجِبِ (تَجزِئَتِه) في السائِمةِ، واختِلافِ أَوقاتِ الواجِبِ، والحاجةِ إلى ضَبطِ مَواقيتِ التَّملُّكِ ومَعرِفةِ قَدرِ الواجِبِ في كُلِّ جُزءٍ ملَكَه، ووُجوبِ القَدرِ اليَسيرِ الذي لا يَتمكَّنُ من إخراجِه، ثم يَتقرَّرُ ذلك في كلِّ حَولٍ ووَقتٍ، فهذا حَرجٌ مَدفوعٌ بقَولِه تَعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: ٧٨] وقياسًا على نِتاجِ السائِمةِ ورِبحِ التِّجارةِ، واستَثنَى أبو حَنيفةَ ما كانَ ثَمنَ مالٍ قد زُكِّي، فلا يُضَمُّ لِئلَّا يُؤدِّيَ إلى الثَّني (١).

وذهَبَ المالِكيةُ إلى التَّفريقِ في ذلك بينَ السائِمةِ وبينَ النُّقودِ، فقالوا في السائِمةِ كقَولِ أَبي حَنيفةَ، قالوا: لأنَّ زَكاةَ السائِمةِ مَوكولةٌ إلى الساعي، فلو لم تُضَمَّ لَأدَّى ذلك إلى خُروجِه أكثَرَ من مَرَّةٍ، بخِلافِ الأَثمانِ فلا تُضَمُّ، فإنَّها مَوكولةٌ إلى أَربابِها (٢).


(١) الثَّني: تَكرارُ الصَّدقةِ في المالِ الواحدِ لِعامٍ واحدٍ.
(٢) «حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير» (١/ ٤٣٢)، و «البدائع» (٢/ ٤٠٩)، و «فتح القدير» (١/ ٥١٠)، و «المغني» (٣/ ٤٠٦، ٤٠٧)، و «المجموع» (٦/ ٤٩٧، ٥٠١، ٥٠٣)، و «حلية العلماء» (٣/ ٢٣)، و «الإفصاح» (١/ ٣٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>