قال النَّوويُّ ﵀: فحصَلَ أنَّ المَذهبَ الإِيجابُ على العامِلِ، وفي ابتِداءِ حَولِه في نَصيبِه خَمسةُ أوْجُهٍ:
أصَحُّها: المَنصوصُ من حينِ الظُّهورِ؛ لأنَّه مِلكٌ من حينِئذٍ.
الثاني: من حينِ يَقومُ المالُ على المالِكِ لِأجلِ الزَّكاةِ؛ لأنَّه لا يَتحقَّقُ الرِّبحُ إلا بذلك.
والثالِثُ: من حينِ المُقاسَمةِ؛ لأنَّه لا يَستقِرُّ مِلكُه إلا من حينِئذٍ، وهذا غَلطٌ، وإنْ كانَ مَشهورًا؛ لأنَّ حاصِلَه أنَّ العامِلَ لا زَكاةَ في نَصيبِه؛ لأنَّه بعدَ المُقاسَمةِ ليسَ بعامِلٍ، بل مالِكٌ مِلكًا مُستقِرًّا كاملَ التَّصرُّفِ فيه، والتَّفريعُ على أنَّه يَملِكُ بالظُّهورِ. فالقَولُ بأنَّه لا يَكونُ حَولُه إلا مِنْ المُقاسَمةِ رُجوعٌ إلى أنَّه لا زَكاةَ عليه قبلَ القِسمةِ.
والوَجهُ الرابعُ: حَولُه حَولُ رأسِ المالِ، وهذا أيضًا غَلطٌ صَريحٌ؛ لأنَّه حينَئذٍ لم يَكنْ مالِكًا، فكيف يَبني مِلكَه وحَولَه على حَولِ غيرِه، ولا خِلافَ في أنَّ حَولَ الإِنسانِ لا يَبني على حَولِ غيرِه إلا الوارثَ على قَولٍ ضَعيفٍ؛ لكَونِه قائمًا مَقامَ المُورِّثِ.
الخامِسُ: أنَّه من حينِ اشتَرى العامِلُ السِّلعةَ، وهو غَلطٌ.
قال النَّوويُّ ﵀: قالَ أَصحابُنا: ثم إذا تَمَّ حَولُ العامِلِ ونَصيبُه لا يَبلُغُ نِصابًا لكنَّه مع جُملةِ المالِ يَبلُغُ نِصابًا؛ فإنْ أثبَتْنا الخُلطةَ في النَّقدَينِ فعليه الزَّكاةُ، وإلا فلا، إلا أنْ يَكونَ له من جِنسِه ما يَكمُلُ به النِّصابُ، وهذا إذا لم نقُلِ ابتِداءُ الحَولِ من المُقاسَمةِ، فإنْ جعَلْناه منها سقَطَ اعتِبارُ الخُلطةِ.