للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - واستندوا ثالثًا إلى ما صَحَّ عن الصَّحابةِ في هذه القَضيَّةِ، فقد رَوى أبو عُبيدٍ وابنُ المنذِرِ والبَيهَقيُّ وابنُ حَزمٍ إِيجابَ الزَّكاةِ في مالِ الصَّبيِّ عن عُمرَ وعلِيٍّ وعبدِ اللهِ بنِ عُمرَ وعائِشةَ وجابِرِ بنِ عبدِ اللهِ ، ولم يُعرَفْ لهم مُخالِفٌ من الصَّحابةِ إلا رِوايةً ضَعيفةً عن ابنِ عباسٍ لا يُحتَجُّ بها (١).

٤ - واستَندوا رابعًا إلى المَعنى المَعقولِ الذي مِنْ أجلِه فُرضَت الزَّكاةُ، قالوا: إنَّ مَقصودَ الزَّكاةِ: سَدُّ حاجةِ الفُقراءِ من مالِ الأَغنياءِ، شُكرًا للهِ تعالَى وتَطهيرًا لِلمالِ، ومالُ الصَّبيِّ والمَجنونِ قابِلٌ لِأداءِ النَّفَقاتِ والغَراماتِ، فلا يَضيقُ عن الزَّكاةِ (٢).

قالوا: فإذا تَقرَّر هذا فإنَّ الوَليَّ يُخرِجُها عنهما من مالِهما؛ لأنَّها زَكاةٌ واجِبةٌ، فوجَبَ إِخراجُها كزَكاةِ البالِغِ العاقِلِ، والوَليُّ يَقومُ مَقامَه في أداءِ ما عليه؛ ولأنَّها حَقٌّ واجِبٌ على الصَّبيِّ والمَجنونِ، كانَ على الوَليِّ أَداؤُه عنهما، كنَفقةِ أَقاربِه، وتُعتبَرُ نيَّةُ الوَليِ في الإِخراجِ، كما تُعتبَرُ النِّيةُ من رَبِّ المالِ (٣).

فإنْ لم يُخرِجِ الوَليُّ الزَّكاةَ وجَبَ على الصَّبيِّ والمَجنونِ بعدَ البُلوغِ والإفاقةِ إخراجُ زَكاةِ ما مَضى؛ لأنَّ الحَقَّ تَوجَّهَ إلى مالِهما، لكنَّ الوَليَّ عَصى بالتَّأخيرِ، فلا يَسقطُ ما تَوجَّه إليهما (٤).


(١) «الأموال» لأبي عبيد (١/ ٥٤٧)، وعبد الرازق في «المصنف» (٤/ ٦٨)، والبيهقي في «السنن» (٤/ ١٠٧)، و «المحلى» (٥/ ٢٠٨)، و «المجموع» (٤/ ٤٦٤).
(٢) «المجموع» (٦/ ٤٦٢).
(٣) «المغني» (٣/ ٤٠٣)، و «المجموع» (٦/ ٤٦٢).
(٤) «المجموع» (٦/ ٤٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>