للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّلاةِ والزَّكاةِ، فإنَّ الزَّكاةَ حَقُّ الْمالِ، واللهِ لو مَنَعونِي عَناقًا كَانوا يُؤدُّونَها إلى رَسولِ اللَّهِ لَقاتَلْتُهم على مَنعِها، قالَ عمرُ : فوَاللَّهِ ما هو إلا أنْ قد شرَحَ اللهُ صَدرَ أَبي بَكرٍ فعَرَفتُ أنَّه الحَقُّ» (١).

وهذا فيمن كانَ مُقِرًّا بوُجوبِها، لكنْ منَعَها بُخلًا أو تَأويلًا ولا يُحكَمُ بكُفرِه، ولذا فإنْ ماتَ في قِتالِه عليها ورِثَه المُسلِمونَ من أَقارِبه، وصُلِّي عليه، وفي رِوايةٍ عن الإِمامِ أحمدَ: يُحكمُ بكُفرِه، ولا يُورَثُ ولا يُصلَّى عليه؛ لِما رُوي أنَّ أبا بَكرٍ لمَّا قاتَل مانِعي الزَّكاةِ، وعضَّتهُم الحَربُ قالوا: نُؤدِّيها، قالَ: «لَا أقبَلُها حتى تَشْهَدوا أنَّ قَتْلانا في الجَنةِ وقَتْلاكُم في النَّارِ» (٢). ووافَقَه عُمرُ، ولم يُنقَلْ إِنكارُ ذلك عن أحدٍ من الصَّحابةِ؛ فدَلَّ على كُفرِهم.

وأمَّا مَنْ منَعَ الزَّكاة مُنكِرًا لوُجوبِها، فإنْ كانَ جاهِلًا ومِثلُه يَجهَلُ ذلك لحَداثةِ عَهدِه بالإِسلامِ، أو؛ لأنَّه نشَأَ بباديةٍ بَعيدةٍ عن الأَمصارِ أو نَحوِ ذلك، فإنَّه يُعرَّفُ وُجوبَها ولا يُحكَمُ بكُفرِه؛ لأنَّه مَعذورٌ.

وإنْ كانَ مُسلِمًا ناشئًا ببلادِ الإِسلامِ بينَ أهلِ العِلمِ يُحكَمُ بكُفرِه، ويَكونُ مُرتَدًّا، وتَجري عليه أَحكامُ المُرتَدِّ، لكَونِه أنكَرَ مَعلومًا من الدِّينِ بالضَّرورةِ (٣).


(١) رواه البخاري (١٣٣٥، ٦٥٢٦، ٦٨٥٥)، ومسلم (٢٠).
(٢) رواه الخلال في «السنة» (٤٧٧).
(٣) «المجموع» (٦/ ٤٦٨، ٤٦٩)، و «المغني» (٣/ ٣٣٦، ٣٤١)، و «الكافي» (١/ ٢٧٨)، و «الفروع» (٢/ ١٧٠)، والمبدع (٢/ ٤٠٢)، و «كشاف القناع» (٢/ ٢٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>