للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ ظهَرَت فيه عَلاماتُ النِّساءِ مِنْ الحَيضِ والحَملِ وسُقوطِ الثَّديينِ أو تَفككِهما أيْ استِدارٍ فهو امرَأةٌ عَملًا بالعَلامةِ، وليسَ بمُشكِلٍ فيهما وإنَّما هو رَجلٌ في الأَولَى له خِلقةٌ زائِدةٌ، وامرَأةٌ في الثانِيةِ لها خِلقةٌ زائِدةٌ (١).

وقالَ أَكثرُ الشافِعيةِ: لا اعتِبارَ بذلك لأنَّ اللِّحيةَ قد تَنبُتُ لبعضِ النِّساءِ ولا تَنبُتُ لبعضِ الرِّجالِ، وقد يَكونُ الثَّديُ لبعضِ الرِّجالِ ورُويَ أنَّ رَجلًا كانَ له ثَديٌ يُرضِعُ به في مَجلسِ هارونَ الرَّشيدِ.

قالَ الشافِعيةُ: فإنْ تعَذرَ اعتِبارُه مِنْ هذه الأَشياءِ فإنَّه يُرجَعُ إلى قولِه، وإلى ماذا يَميلُ إليه طبعُه. فإنْ قالَ: «أَميلُ إلى جِماعِ النِّساءِ» فهو رَجلٌ، وإن قالَ: «أَميلُ إلى جِماعِ الرَّجالِ» فهو امرَأةٌ.

وليسَ ذلك تَخييرًا له، وإنَّما هو سُؤالٌ له عن مَيلانِ طبعِه. فإنْ أخبَرَ بأَحدِهما ثم رجَعَ عنه لَم يُقبلْ رُجوعُه؛ لأنَّه إذا أخبَرَ بأَحدِهما تعلَّقَت به أَحكامٌ، وفي قَبولِ قولِه في الرُّجوعِ إِسقاطٌ لتلك الأَحكامِ، فلَم يَجزْ (٢).

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختلَفوا فيما لو لَم يَكنْ فيه شيءٌ مِنْ ذلك أو وُجدَت فيه العَلاماتُ واستَوت، وكانَ يَبولُ منهما جَميعًا، أو خُلقَ له مَوضعًا آخرُ يَبولُ منه فهو المُشكِلُ واختلَفوا في تَوريثِه.


(١) «كشاف القناع» (٤/ ٥٦٤)، و «الفتاوى الهندية» (٦/ ٤٥٧)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٥١٢، ٥١٣)، و «مواهب الجليل» (٨/ ٤٣٦، ٤٤٦)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ٢٢٦، ٢٣٢)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٥٩٣، ٦٠٤)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٦٢٩، ٦٣١).
(٢) «البيان» (٩/ ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>