كانَ منه مَنْ يَرثُه وإلا فهو فَيءٌ وبه قالَ داودُ، ورُويَ عن عَلقَمةَ وسَعيدِ بنِ أَبي عُروةَ؛ لأنَّه كافِرٌ فوَرثَه أهلُ دِينِه كالحَربيِّ وسائِرِ الكُفارِ (١).
وقالَ ابنُ رُشدٍ ﵀: وأمَّا مالُ المُرتدِّ إذا قُتلَ أو مات، فقالَ جُمهورُ فُقهاءِ الحِجازِ: هو لجَماعةِ المُسلِمينَ ولا يَرثُه قَرابتُه، وبه قالَ مالِكٌ والشافِعيُّ، وهو قَولُ زَيدٍ من الصَّحابةِ.
وقالَ أَبو حَنيفةَ والثَّوريُّ وجُمهورُ الكُوفيِّينَ وكَثيرٌ من البَصريِّينَ: يَرثُه وَرثتُه من المُسلِمينَ، وهو قَولُ ابنِ مَسعودٍ من الصَّحابةِ وعلِيٍّ ﵄.
وعُمدةُ الفَريقِ الأولِ: عُمومُ الحَديثِ.
وعُمدةُ الحَنفيةِ: تَخصيصُ العُمومِ بالقياسِ، وقياسُهم في ذلك هو أنَّ قَرابتَه أَولى من المُسلِمينَ؛ لأنَّهم يُدلُونَ بسَببَينِ: بالإِسلامِ والقَرابةِ، والمُسلِمونَ بسَببٍ واحِدٍ، وهو الإِسلامُ، وربَّما أكَّدوا بما يَبقى لمَا له حُكمُ الإِسلامِ، بدَليلِ أنَّه لا يُؤخَذُ في الحالِ حتى يَموتَ، فكانَت حَياتُه مُعتبَرةً في بَقاءِ مالِه على مِلكِه، وذلك لا يَكونُ إلا بأنْ يَكونَ لمالِه حُرمةٌ إِسلاميةٌ، ولذلك لم يَجُزْ أنْ يُقرَّ على الارتِدادِ، بخِلافِ الكافرِ.
وقالَ الشافِعيُّ وغيرُه: يُؤخذُ بقَضاءِ الصَّلاةِ إذا تابَ من الرِّدةِ في أيامِ الرِّدةِ، والطائِفةُ الأُخرى تَقولُ: يُوقَفُ مالُه؛ لأنَّ له حُرمةً إِسلاميةً، وإنَّما وُقفَ رَجاءَ أنْ يَعودَ إلى الإِسلامِ، وأنَّ استِيجابَ المُسلِمينَ لمالِه ليسَ على طَريقِ الإِرثِ.