للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ قُدامةَ : مَسألةٌ: (والمُرتدُّ لا يَرثُ أحَدًا إلا أنْ يَرجعَ قبلَ قِسمةِ المِيراثِ).

لا نَعلمُ خِلافًا بينَ أهلِ العِلمِ في أنَّ المُرتدَّ لا يَرثُ أحَدًا، وهذا قَولُ مالِكٍ والشافِعيِّ وأَصحابِ الرأيِ، ولا نَعلمُ عن غيرِهم خِلافَهم؛ وذلك لأنَّه لا يَرثُ مُسلمًا، لقَولِ النَّبيِّ : «لا يَرثُ الكافِرُ المُسلمَ» (١) ولا يَرثُ كافِرًا؛ لأنَّه يُخالِفُه في حُكمِ الدِّينِ؛ لأنَّه لا يُقَرُّ على كُفرِه، فلم يَثبُتْ له حُكمُ أهلِ الدِّينِ الذي انتقَلَ إليه، ولهذا لا تَحلُّ ذَبيحَتُهم ولا نِكاحُ نِسائِهم وإنِ انتَقَلوا إلى دِينِ أهلِ الكِتابِ؛ ولأنَّ المُرتدَّ تَزولُ أَملاكُه الثابِتةُ له واستِقرارُها، فلَأنْ يَكونَ لا يَثبتُ له مِلكٌ أوْلى.

ولو ارتَدَّ مُتوارِثانِ فماتَ أَحدُهما لم يَرِثْه الآخَرُ؛ فإنَّ المُرتدَّ لا يَرثُ ولا يُورثُ، وإنْ رجَعَ المُرتدُّ إلى الإِسلامِ قبلَ قَسمِ المِيراثِ قُسمَ له (٢).

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختَلَفوا، هل يَرثُ المُسلمُ المُرتدَّ أو لا؟ على قَولَينِ:

القَولُ الأولُ: أنَّه لا يَرثُه؛ بل يَكونُ مالُه فَيئًا للمُسلِمينَ، هو مَذهبُ المالِكيةِ والشافِعيةِ والحَنابِلةِ في المَذهبِ ورَبيعةَ وابنِ أَبي لَيلى وابنِ المُنذرِ وأبي ثَورٍ وغيرِهم.


(١) أخرجه البخاري (٦٣٨٣)، ومسلم (١٦١٤).
(٢) «المغني» (٦/ ٢٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>