للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإِمامُ ابنُ المُنذرِ : أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ القاتِلَ خَطأً لا يَرثُ من دِيةِ مَنْ قتَلَه شَيئًا (١).

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختلَفوا هل يَرثُ قاتِلُ الخَطأِ وشِبهِ العَمدِ من مالِ المَقتولِ أو لا؟

فذهَبَ المالِكيةُ إلى أنَّه يَرثُ من مالِه ولا يَرثُ من دِيتِه شَيئًا. وحُكي ذلك عن عَطاءِ بنِ أَبي رَباحٍ، وابنِ المُسيِّبِ، ومُجاهدٍ، والزُّهريِّ، وبه قالَ الأَوزاعيُّ، وسَعيدُ بنُ عبدِ العَزيزِ، وإِسحاقُ بنُ راهَوَيهِ، وأبو ثَورٍ، واحتَجَّ أَبو ثَورٍ بأنَّه إنَّما ورَّثَه من سائِرِ المالِ بالكِتابِ؛ لأنَّ اللهَ -جلَّ ذِكرُه- سمَّى المَواريثَ لأهلِها ولم يَذكُرْ قاتِلًا، فلمَّا اختلَفوا في القَتلِ خَطأً، كانَ له المِيراثُ بالكِتابِ؛ لأنَّا لا نَدعُ ظاهِرَ الكِتابِ أبَدًا إلا بكِتابٍ أو سُنةٍ أو إِجماعٍ يَدلُّ على إِخراجِ شَيءٍ من جُملتِه، فإذا لم يَكنْ شَيءٌ من ذلك كانَ الكِتابُ على ظاهِرِه.

ولأنَّ مَنعَ القاتِلِ من المِيراثِ عُقوبةٌ، والمُخطِئُ لا عُقوبةَ عليه كما لا قَوَدَ عليه (٢).


(١) «الأوسط» (٧/ ٤٦٧، ٤٦٨)، و «الإشراف» (٤/ ٣٥٦)، و «الإجماع ص (٧٠)، رقم (٣٢٠، ٣٢١).
(٢) «الموطأ» (٢/ ٨٦٨)، و «التمهيد» (٢٣/ ٤٤٣، ٤٤٦)، و «الأوسط» (٧/ ٤٦٧، ٤٦٨)، و «الإشراف» (٤/ ٣٥٦)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٥٠٨)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ٢٢٢)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٥٨٨)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٦٢٥)، و «حاشية الصاوي» (١١/ ١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>