للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«اشتَري واشتَرِطي لهم الوَلاءَ»، فاشتَرَتها واشتَرَطت لهم الوَلاءَ، فصعِدَ النَّبيُّ المِنبَرَ، فقالَ: «ما بالُ أَقوامٍ يَشتَرطونَ شُروطًا ليسَت في كِتابِ اللهِ؟ كلُّ شَرطٍ ليسَ في كِتابِ اللهِ فهو باطِلٌ، كِتابُ اللهِ أحَقُّ، وشَرطُه أوثَقُ، والوَلاءُ لمَن أعتَقَ» (١)، فجعَلَ جِنسَ الوَلاءِ للمُعتِقِ فلم يَبقَ ولم يَثبُتْ لغيرِه.

ولأنَّ كلَّ سَببٍ لم يُورَثْ به مع وُجودِ السَّببِ لم يُورَثْ به مع فَقدِه، كما لو أسلَمَ رَجلٌ على يَدِ رَجلٍ، ولأنَّ عَقدَ المُوالاةِ لو كانَ سَببًا يُورَثُ به لم يَجُزْ فَسخُه وإِبطالُه، كالنَّسبِ والوَلاءِ، ولأنَّ أَسبابَ التَّوارُثِ مَحصورةٌ في رَحمٍ ونِكاحٍ ووَلاءٍ، وليسَ هذا منها.

وأمَّا قَولُه تَعالى: ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾ [النساء: ٣٣] فمَنسوخةٌ بآيةِ المِيراثِ، ولذلك لا يَرثُ مع ذي رَحمٍ شَيئًا.

قالَ الحَسنُ: نسَخَتها ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ [الأنفال: ٧٥]، وقالَ مُجاهدٌ: فآتُوهُم نَصيبَهم من العَقلِ والنُّصرةِ والرِّفادةِ، وليسَ هذا بوَصلةٍ؛ لأنَّ الوَصيَّ لا يَعقلُ فله الرُّجوعُ، وهذا عندَهم بخِلافِه (٢).


(١) أخرجه البخاري (٢٠٦٠)، ومسلم (١٥٠٤).
(٢) «أحكام القرآن» لابن العربي (١/ ٥٢٩)، و «البيان» (٩/ ١٥، ١٦)، و «المغني» (٦/ ٢٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>