للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قالَ: «هو تَرِكَتي»: ففيه وَجهانِ:

أحَدُهما: لم يَكنْ رُجوعًا؛ لأنَّ المُوصَى به من التَّركةِ.

والثاني: يَكونُ رُجوعًا؛ لأنَّ التَّركةَ للوَرثةِ.

ولو سُئلَ عن الوَصيةِ فأنكَرَها يُفرَّقُ فيه بينَ أنْ يَكونَ لغَرضٍ فلا يَكونَ رُجوعًا، أو ليسَ لغَرضٍ فيَكونَ رُجوعًا، وهذا هو المُعتمَدُ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: ويَحصلُ الرُّجوعُ في الوَصيةِ بقَولِه: «رجَعتُ في وَصيَتي أو أبطَلتُها أو غيَّرتُها أو فسَختُها أو ما أَوصَيتُ به لفُلانٍ فهو لفُلانٍ أو فهو لوَرثَتي أو في مِيراثي».

قالَ ابنُ قُدامةَ : وإنْ قالَ: «ما أَوصَيت به لبِشْرٍ فهو لبَكرٍ» كانَت لبَكرٍ، هذا قَولُهم جَميعًا، وبه قالَ الشافِعيُّ وأبو ثَورٍ وأَصحابُ الرأيِ، وهو أيضًا على مَذهبِ الحَسنِ وعَطاءٍ وطاوُسٍ ولا نَعلمُ فيه مُخالِفًا؛ لأنَّه صرَّحَ بالرُّجوعِ عن الأولِ بذِكرِه أنَّ ما أَوصَى به مَردودٌ إلى الثاني، فأشبَهَ ما لو قالَ: «رجَعتُ عن وَصيَّتي لبِشرٍ وأَوصَيتُ بها لبَكرٍ»، بخِلافِ ما أَوصَى بشَيءٍ واحِدٍ لرَجلَينِ أَحدُهما بعدَ الآخَرِ؛ فإنَّه يَحتمِلُ أنَّه قصَدَ التَّشريكَ بينَهما، وقد ثبتَتَ وَصيةُ الأولِ يَقينًا، فلا تَزولُ بالشَّكِّ (٢).


(١) «المهذب» (١/ ٤٦١)، و «البيان» (٨/ ٢٩٦)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٥٥٥)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١١٧، ١١٨)، و «الديباج» (٣/ ٩٦).
(٢) «المغني» (٦/ ٩٦، ٩٧)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>