على أنَّ الحَجَّ عِبادةٌ بَدنيةٌ لها تَعلُّقٌ بالمالِ، وأنَّ الزَّكاةَ عِبادةٌ ماليةٌ لا تَعلُّقَ لها بالبَدنِ، فكانَ الحَجُّ أَقوَى فكانَ أَولى بالتَّقدُّمِ.
وَجهُ الرِّوايةِ الأُخرى أنَّ الحَجَّ تمحَّضَ حَقًّا للهِ تَعالى، وأنَّ الزَّكاةَ يَتعلَّقُ بها حَقُّ العَبدِ، فيُقدَّمُ لحاجةِ العَبدِ وغِنى اللهِ ﷿.
وقالوا في الحَجِّ والزَّكاةِ: إنَّهما يُقدَّمانِ على الكَفاراتِ؛ لأنَّهما واجِبانِ بإِيجابِ اللهِ ﷾ ابتِداءً من غيرِ تَعلُّقِ وُجوبِهما بسَببٍ من جِهةِ العَبدِ، والكَفاراتُ يَتعلَّقُ وُجوبُها بأَسبابٍ تُوجدُ من العَبدِ من القَتلِ والظِّهارِ واليَمينِ، والواجِبُ ابتِداءً أَقوَى فيُقدَّمُ، والكَفاراتُ مُتقدِّمةٌ على صَدقةِ الفِطرِ؛ لأنَّ صَدقةَ الفِطرِ واجِبةٌ ولأنَّ الكَفاراتِ فَرائضُ، والفَرضُ مُقدَّمٌ على الواجِبِ، ولأنَّ هذه الكَفاراتِ مَنصوصٌ عليها في الكِتابِ الكَريمِ ولا نَصَّ في الكِتابِ على صَدقةِ الفِطرِ، وإنَّما عُرفَت بالسُّنةِ المُطهَّرةِ، فكانَ المَنصوصُ عليه في الكِتابِ الكَريمِ أَقوَى فكانَ أوْلى، وصَدقةُ الفِطرِ مُقدَّمةٌ على الأُضحيةِ وإنْ كانَت الأُضحيةُ أيضًا واجِبةً عندَنا، لكنَّ صَدقةَ الفِطرِ مُتَّفقٌ على وُجوبِها، والأُضحيةُ وُجوبُها مَحلُّ الاجتِهادِ، فالمُتَّفقُ على الوُجوبِ أَقوَى فكانَ بالبِدايةِ أوْلى.
وكذا صَدقةُ الفِطرِ مُقدَّمةٌ على كَفارةِ الفِطرِ في رَمضانَ؛ لأنَّ وُجوبَ تلك الكَفارةِ ثبَتَ بخَبَرِ الواحِدِ، وصَدقةُ الفِطرِ ثبَتَ وُجوبُها بأَخبارٍ مَشهورةٍ، والثابِتُ بالخَبَرِ المَشهورِ أَقوَى فيُقدَّمُ.
وقالوا: إنَّ صَدقةَ الفِطرِ تُقدَّمُ على المَنذورِ به؛ لأنَّها وجَبَت بإِيجابِ اللهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute