للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ جُزيٍّ المالِكيُّ: اختُلفَ هل يَجبُ تَنفيذُه أو لا، وهو الوَصيةُ بما لا قُربةَ فيه كالوَصيةِ ببَيعِ شَيءٍ أو شِرائِه (١).

وقالَ الدُّسوقيُّ: قَولُه: (إنْ أَوصَى بقُربةٍ) المُرادُ بها ما يَشملُ المُباحَ، بدَليلِ المُقابلةِ بالمُحرمِ كما أَفادَه بعضُهم (٢).

وذهَبَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ إلى أنَّه يُشتَرطُ القُربةُ لصِحةِ الوَصيةِ.

قالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ : الوَصيةُ بما ليسَ ببِرٍّ ولا مَعصيةٍ والوَقفُ على ذلك فيه قَولانِ في مَذهبِ أَحمدَ وغيرِه، والصَّحيحُ أنَّ ذلك لا يَصحُّ؛ فإنَّ الإِنسانَ لا يَنتفِعُ ببَذلِ المالِ بعدَ المَوتِ إلا أنْ يَصرفَه إلى طاعةِ اللهِ، وإلا فبَذلُه بما ليسَ بطاعةٍ ولا مَعصيةٍ لا يَنفعُه بعدَ المَوتِ، بخِلافِ صَرفِه في الحَياةِ في المُباحاتِ كالأَكلِ والشُّربِ واللِّباسِ؛ فإنَّه يَنتفِعُ بذلك (٣).

وقالَ أيضًا: وأمَّا بَذلُ المالِ في مُباحٍ فهذا إذا بذَلَه في حَياتِه مِثلَ الابتِياعِ والاستِئجارِ جازَ؛ لأنَّه يَنتفِعُ بتَناولِ المُباحاتِ في حَياتِه.

وأمَّا الواقِفُ والمُوصي فإنَّهما لا يَنتفِعانِ بما يَفعلُ المُوصَى له والمَوقوفُ عليه من المُباحاتِ في الدُّنيا، ولا يُثابانِ على بَذلِ المالِ في ذلك في الآخِرةِ، فلو بُذلَ المالُ في ذلك


(١) «القوانين الفقهية» ص (٢٢٦).
(٢) «حاشية الدسوقي» (٦/ ٤٨٥، ٤٩٢).
(٣) «جامع المسائل» (٣/ ٣٣٦)، و «نقد مراتب الإجماع» (٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>