للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنَّ الحَنابِلةَ قالوا بحُرمةِ الوَصيةِ للوارِثِ بشَيءٍ نَصًّا، سَواءٌ كانَت في صِحتِه أو مَرضِه غيرَ زَوجٍ أو زَوجةٍ؛ لقَولِ النَّبيِّ : «إنَّ اللهَ قد أَعطَى كلَّ ذي حَقٍّ حَقَّه فلا وَصيةَ لوارِثٍ» (١)، وتَصحُّ هذه الوَصيةُ المُحرمةُ وتَقفُ على إِجازةِ الوَرثةِ؛ لأنَّ المَنعَ لحَقِّ الوَرثةِ فإذا رَضُوا بإِسقاطِه نفَذَ (٢).

وذهَبَ الشافِعيُّ في قَولٍ مُخرَجٍ من كَلامٍ له في بعضِ كُتبِه، وهو قَولُ المُزنِيِّ والحَنابِلةِ في قَولٍ وأهلِ الظاهِرِ إلى أنَّ الوَصيةَ لا تَصحُّ للوارِثِ وإنْ أَجازَها الوَرثةُ؛ للنَّهيِ عنها ولثُبوتِ الحُكمِ بنَسخِها بقَولِ النَّبيِّ : «إنَّ اللهَ قد أَعطَى كلَّ ذي حَقٍّ حَقَّه فلا وَصيةَ لوارِثٍ» (٣)، ولم يَقُلْ: إلا أنْ يُجيزَها الوَرثةُ، فإذا منَعَ اللهُ تَعالى من ذلك فليس للوَرثةِ أنْ يُجيزوا ما أَبطَله اللهُ تَعالى على لِسانِ رَسولِه ، إلا أنْ يَبتدِئوا هِبةً لذلك من عندِ أنفُسِهم فهو مالُهم.

وقالَ المُزنِيُّ: إنَّما مُنعَ الوارِثُ من الوَصيةِ لئلَّا يأخُذَ مالَ المَيتِ من وَجهَينِ مُختلفَينِ (٤).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أَبو داود (٢٨٧٠، ٣٥٦٥)، والترمذي (٢١٢٠)، وابن ماجه (٢٧١٣)، وأَحمد (٢٢٣٤٨).
(٢) «المغني» (٦/ ٥٨)، و «الإنصاف» (٧/ ١٩٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٤٤٥)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤١٠)، و «منار السبيل» (٢/ ٣٧٥، ٣٧٦).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أَبو داود (٢٨٧٠، ٣٥٦٥)، والترمذي (٢١٢٠)، وابن ماجه (٢٧١٣)، وأَحمد (٢٢٣٤٨).
(٤) «التمهيد» (١٤/ ٣٠٧)، و «الاستذكار» (٧/ ٣٦٧)، و «الحاوي الكبير» (٨/ ٢١٣)، و «المغني» (٦/ ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>