للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الحَدادُ: وإنَّما أورَدَ هذه المَسألةَ لأنَّ فيها نَوعَ إِشكالٍ، وهو أنَّ الوَصيةَ أُختُ المِيراثِ ولا تَوارُثَ بينَ المُسلمِ والكافِرِ، والجَوابُ أنَّ الوَصيةَ تُشبهُ المِيراثَ من حيثُ الثُّبوتُ ولا تُشبهُه من حيثُ إنَّه ثبَتَ جَبرًا فلا يَكونُ النَّصُّ الوارِدُ فيه وارِدًا في الوَصيةِ.

وقالَ السَّرخَسيُّ في الفَرقِ بينَهما: إنَّ الإِرثَ طَريقُه طَريقُ الوِلايةِ، أمَّا الوَصيةُ فتَمليكٌ مُبتدَأٌ، ولهذا لا يَردُّ المُوصَى له الوَصيةَ بالعَيبِ بخِلافِ الوارِثِ، كذا في «شاهان» (١).

وقالَ المالِكيةُ: تَصحُّ الوَصيةُ للذِّميِّ؛ لأنَّه يَصحُّ تَملُّكُه، وسَواءٌ كانَ للذِّميِّ حَقُّ جِوارٍ أو لا، قَريبًا كانَ أو أجنَبيًّا (٢).

وقالَ الإِمامُ ابنُ القَيمِ : فَصلٌ: أَحكامُ الوَصيةِ للكُفارِ:

وقد قالَ أَحمدُ في رِوايةِ حَربٍ وقد سألَه: الرَّجلُ يُوصي لقَرابتِه وله قَرابةٌ مُشرِكونَ، هل يُعطَوْن شَيئًا؟ قالَ: لا، إلا أنْ يُسمِّيَهم.

«وقالَ أَبو طالِبٍ: سألتُ أَبا عبدِ اللهِ عن الرَّجلِ يُوصي لقَرابتِه وفيهم يَهوديٌّ أو نَصرانِيٌّ ومُسلِمونَ، قالَ: سماهم؟ قُلتُ: لا. قالَ: فلا يُعطَى اليَهوديُّ والنَّصرانِيُّ، يُعطَى المُسلِمونَ. قُلتُ: فإنْ سمَّى اليَهوديَّ والنَّصرانِيَّ؟ قالَ: إذا سماهم فنَعَمْ.


(١) «الجوهرة النيرة» (٦/ ٣٧٩)، و «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٤١)، و «اللباب» (٢/ ٥٩١).
(٢) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٤٩٠)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ١٧٠)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٥٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>