للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدُ الشَّرطَينِ من كَثرةِ العَددِ- لم يُوجَدْ فيه الشَّرطُ الثاني في استِواءِ الطَّرفَينِ والوَسطِ؛ لأنَّ التَّوراةَ حين أحرَقَها بختنصرُ اجتمَعَ عليها أربَعةٌ من اليَهودِ لَفَّقوها من حِفظِهم ثم استَفاضَت عنهم، فخرَجَت عن حُكمِ الاستِفاضةِ.

فإنْ قيلَ: فهذا يَعودُ على القُرآنِ في استِفاضةِ نَقلِه؛ لأنَّ الذي حفِظَه من الصَّحابةِ سِتةٌ فلم تُوجَدْ الاستِفاضةُ في طَرفَيه ووَسطِه قيلَ: لئِنْ كانَ الذي يَحفظُ جَميعَ القُرآنِ على عَهدِ رَسولِ اللهِ سِتةً، فقد كانَ أكثَرُ الصَّحابةِ يَحفَظونَ منه سُورًا أَجمَعوا عليها واتَّفقَوا على صِحتِها، فوُجدَت الاستِفاضةُ فيهم بانضِمامِهم إلى السِّتةِ، وقَولُهم: إنَّهم غيَّروا التَّأويلَ دونَ التَّنزيلِ؛ لأنَّهم قد أنكَروا تَغييرَ التَّأويلِ كما أنكَروا تَغييرَ التَّنزيلِ ولم يَكنْ إِنكارُهم حُجةً في تَغييرِ التَّأويلِ، وكذلك لا يَكونُ حُجةً في تَغييرِ التَّنزيلِ؛ لأنَّ اللهَ تَعالى قد أخبَرَ بأنَّهم غيَّروه، فاقتَضى حَملَه على عُمومِ الأمرَينِ بغيرِ تَخصيصٍ (١).

وهذا ما يُفهمُ من كَلامِ المالِكيةِ أيضًا؛ فإنَّهم صرَّحوا ببُطلانِ الوَصيةِ إذا كانَت على مَعصيةٍ (٢).


(١) «الحاوي الكبير» (١٤/ ٣٩٣، ٣٩٤)، و «كفاية الأخيار» (٣٩١)، و «أسنى المطالب» (٣/ ٣٠)، و «المغني» (٦/ ١٢٢)، و «الكافي» (٢/ ٤٧٩)، و «المبدع» (٦/ ٤٥)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٤٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٤٧٢).
(٢) «شرح مختصر خليل» (٨/ ١٧١)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٤٣٩)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٤٩١، ٤٩٢)، و «حاشية الصاوي» (١١/ ٤، ٥)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٥٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>