للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإِمامُ الكاسانِيُّ: ولو أَوصَى المُسلمُ لبَيعةٍ أو كَنيسةٍ بوَصيةٍ فهو باطِلٌ؛ لأنَّه مَعصيةٌ.

ولو أَوصَى الذِّميُّ بثُلثِ مالِه للبَيعةِ أو لكَنيسةٍ أنْ يُنفقَ عليها في إِصلاحِها أو أَوصَى لبَيتِ النارِ أو أَوصَى بأنْ يُذبحَ لعِيدِهم أو للبَيعةِ أو لبَيتِ النارِ ذَبيحةٌ جازَ في قَولِ أَبي حَنيفةَ وعندَهما لا يَجوزُ.

وجُملةُ الكَلامِ في وَصايا أهلِ الذِّمةِ أنَّها لا تَخلو من أنْ يَكونَ المُوصَى به أمرًا هو قُربةٌ عندَنا وعندَهم، أو كانَ أمرًا هو قُربةٌ عندَنا لا عندَهم.

فإنْ كانَ المُوصَى به شَيئًا هو قُربةٌ عندَنا وعندَهم بأنْ أَوصَى بثُلثِ مالِه أنْ يُتصدَّقَ به على فُقراءِ المُسلِمينَ أو على فُقراءِ أهلِ الذِّمةِ أو بعِتقِ الرِّقابِ أو بعِمارةِ المَسجدِ الأَقصَى ونَحوِ ذلك جازَ في قَولِهم جَميعًا؛ لأنَّ هذا ممَّا يَتقرَّبُ به المُسلِمونَ وأهلُ الذِّمةِ.

وإنْ كانَ شَيئًا هو قُربةٌ عندَنا وليسَ بقُربةٍ عندَهم بأنْ أَوصَى بأنْ يُحجَّ عنه أو أَوصَى بأنْ يُبنى مَسجدٌ للمُسلِمينَ ولم يُبيِّنْ، لا يَجوزُ في قَولِهم جَميعًا؛ لأنَّهم لا يَتقرَّبونَ به فيما بينَهم، فكانَ مُستهزِئًا في وَصيتِه، والوَصيةُ يُبطِلُها الهَزلُ.

وإنْ كانَ شيئًا هو قُربةٌ عندَهم لا عندَنا بأنْ أَوصَى بأرضٍ له تُبنَى بَيعةً أو كَنيسةً أو بَيتَ نارٍ أو بعِمارةِ البَيعةِ أو الكَنيسةِ أو بَيتِ النارِ أو بالذَّبحِ لعِيدِهم أو للبَيعةِ أو لبَيتِ النارِ فهو على الاختِلافِ الذي ذكَرنا أنَّه يَجوزُ عندَ أَبي حَنيفةَ وعندَهما لا يَجوزُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>