للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الكَرابيسيُّ في «الفُروق»: إذا قالَ: «ثُلثُ مالي لفُلانٍ وفُلانٍ»، وأحدُهما مَيتٌ فالثُّلثُ كلُّه للحَيِّ، ولو قالَ: «ثُلثُ مالي بينَ فُلانٍ وفُلانٍ»، وأحدُهما مَيتٌ فللحَيِّ نِصفُ الثُّلثِ، والفَرقُ أنَّ لَفظَ «بينَ» لَفظُ اشتِراكٍ، بدَليلِ أنَّه لا يَصحُّ إِدخالُه على الواحِدِ، فإذا قالَ: «بينَ فُلانٍ وفُلانٍ»، فقد أشرَكَ بينَهما في اللَّفظِ، فلا يَجبُ لكلِّ واحِدٍ منهما إلا نِصفُه، فلا يَستحقُّ أكثَرَ من النِّصفِ، وفي مَسألتِنا قَولُه: «لفُلانٍ»، فليس بلَفظِ اشتِراكٍ، بدَليلِ أنَّه يَصحُّ لواحِدٍ، وهو أنْ يَقولَ: «ثُلثُ مالي لفُلانٍ»، وسكَتَ عليه؛ فإنَّه يَستحِقُّ الجَميعَ فثبَتَ أنَّه ليسَ بلَفظِ اشتِراكٍ، فقد أوجَبَ الجَميعَ للأولِ، والواجِبُ للثاني مُزاحمةً بينَه وبينَ الأولِ، ولا يَصحُّ وُجودُ المُزاحمةِ من المَيتِ فلم يُوجَدْ نُقصانٌ في الجاريةِ للأولِ فاستحَقَّ الجَميعَ.

إذا أَوصَى بثُلثِ مالِه لفُلانٍ وله مالٌ فهلَكَ ذلك المالُ أو لم يَكنْ له مالٌ ثم اكتسَبَ مالًا فله ثُلثُ مالِه بعدَ مَوتِه (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: ولو قالَ: «أَوصَيت لكلِّ واحِدٍ من فُلانٍ وفُلانٍ بنِصفِ الثُّلثِ أو بنِصفِ المِئةِ أو بخَمسينَ»، لم يَستحِقَّ أحدُهما أكثَرَ من نِصفِ الوَصيةِ سَواءٌ كانَ شَريكُه حَيًّا أو مَيتًا؛ لأنَّه عيَّنَ وَصيتَه في النِّصفِ، فلم يَكنْ له حَقٌّ فيما سِواه (٢).


(١) «الفروق» للكرابيسي (٢/ ٢٩٤).
(٢) «المغني» (٦/ ٨٦)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٤٩٧)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٤٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٤٧٢)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٤٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>