للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو جهِلَه؛ لأنَّ المَيتَ ليسَ بأهلٍ للوَصيةِ فلا يُزاحِمُ الحَيَّ الذي هو من أهلِها، فصارَ كما إذا أَوصَى لزَيدٍ وجِدارٍ.

وعن أَبي يُوسفَ أنَّه قالَ: إذا كانَ يَعلمُ بمَوتِه فهو كذلك، وإنْ كانَ لا يَعلمُ بمَوتِه فللحَيِّ نِصفُ الثُّلثِ؛ لأنَّه لم يَرضَ للحَيِّ إلا بنِصفِ الثُّلثِ، ونِصفُه لوَرثةِ المَيتِ.

ولو كانا حَيَّينِ وَقتَ الوَصيةِ ثم ماتَ أحدُهما قبلَ مَوتِ المُوصي بطَلَت في حِصتِه وانتقَلَ ذلك إلى وَرثةِ المُوصي، وللحَيِّ نِصفُ الثُّلثِ، وإنْ ماتَ أحدُهما بعدَ مَوتِ المُوصي كانَ نَصيبُه مَوروثًا عنه (١).

وقالَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ: إنْ وَصَّى لحَيٍّ ومَيتٍ يَعلمُ المُوصي بمَوتِه أو لم يَعلَمْ بمَوتِه فللحَيِّ النِّصفُ ولو لم يَقُلِ المُوصي بأنَّ المُوصَى به بينَهما؛ لأنَّه أَضافَ الوَصيةَ إليهما، فإذا لم يَكنْ أحدُهما مَحلًّا للتَّمليكِ بطَلَ في نَصيبِه وبَقيَ نَصيبُ الحَيِّ، وهو النِّصفُ.

وعن أَبي الخَطابِ: إذا علِمَه مَيتًا فالجَميعُ للحَيِّ، وإنْ لم يَعلَمْه مَيتًا فللحَيِّ النِّصفُ، قالَ ابنُ قُدامةَ: وقد نُقلَ عن أَحمدَ ما يَدلُّ على هذا القَولِ، قالَ في رِوايةِ ابنِ القاسِمِ: إذا أَوصَى لفُلانٍ وفُلانٍ بمِئةٍ فبانَ أحدُهما مَيتًا فللحَيِّ خَمسونَ، فقيلَ له: أليسَ إذا قالَ: «ثُلثِي لفُلانٍ وللحائِطِ»، أنَّ الثُّلثَ كلَّه لفُلانٍ؟ فقالَ: وأيُّ شَيءٍ يُشبهُ هذا الحائِطَ له مِلكٌ؟ فعلى هذا إذا شرَّكَ


(١) «الهداية» (٤/ ٢٢٨)، و «العناية» (١٦/ ١١٢، ١١٣)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ٤٢٧)، و «اللباب» (٢/ ٦٠٨)، و «البحر الرائق» (٨/ ٤٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>