للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَدمَ الجَوازِ بما زادَ على الثُّلثِ إنَّما كانَ لحَقِّ الوَرثةِ، ألَا تَرى أنَّهم لو أَجازوا جازَ؟ وليسَ للوَرثةِ حَقٌّ مُحتَرمٌ لكَونِهم في دارِ الحَربِ؛ إذْ هُمْ كالأَمواتِ في أَحكامِنا فصارَ كأنْ لا وارِثَ له فيَصحُّ (١).

وقالَ المالِكيةُ: تَصحُّ وَصيةُ الكافِرِ وتُنفَّذُ كما تُنفَّذُ صَدقتُه؛ لأنَّه حُرٌّ مالِكٌ مُميِّزٌ، ولأنَّ اختِلافَ الأَديانِ أو الدارِ لا يُؤثِّرُ في التَّمليكِ بالوَصيةِ إلا أنْ يُوصيَ بخَمرٍ أو خِنزيرٍ لمُسلمٍ لعَدمِ قَبولِ ذلك للمِلكِ، أمَّا إذا أَوصَى بخَمرٍ أو خِنزيرٍ لكافِرٍ صَحَّت وَصيتُه؛ لأنَّه أَوصَى بها لمَن يَصحُّ مِلكُه لها، وثَمرةُ الصِّحةِ الحُكمُ بإِنفاذِها إذا تَرافَعوا إلينا (٢).

وقالَ الشافِعيةُ: تَصحُّ وَصيةُ الكافِرِ ذِميًّا كانَ أو حَربيًّا بما تَصحُّ وَصيةُ المُسلمِ به وإنِ اعتَقَده مَعصيةً، كعِمارةِ مَساجدِنا مع اعتِقادِنا أنَّه لا قُربةَ فيه إذا ماتَ كافِرًا.

وإنْ أَوصَى بما نَراه مَعصيةً وهو يَعتقِدُه طاعةً لم يَنفُذْ إذا رُفعَ إلينا، كعِمارةِ كَنيسةٍ أو بِنائِها أو كِتابةِ التَّوراةِ والإِنجيلِ أو قِراءَتِهما وما أشبَهَهما، وكذا بخَمرٍ ولا خِنزيرٍ سَواءٌ أَوصَى لمُسلمٍ أو ذِميٍّ (٣).


(١) «الاختيار» (٥/ ١٠١، ١٠٢)، وسيَأتي تَفصيلُ مَذهبِ الحَنفيةِ فيما لو أَوصَى بمُحرَّمٍ مثلَ بَيعةٍ أو كَنيسةٍ في الركنِ الرابعِ المُوصَى به.
(٢) «الذخيرة» (٧/ ١٠)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٢٥٠)، و «مواهب الجليل» (٨/ ٣٦٧، ٣٦٨)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٤٨٥).
(٣) «روضة الطالبين» (٤/ ٣٦٤)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٢١٦) مغني المحتاج» (٤/ ٦٥)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ١١٤، ١١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>