للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوَجهُ الثانِي عندَ الشافِعيةِ: لا يَحنثُ به تَغليبًا لما لا يُوجبُ الحِنثَ على ما يُوجبُه، وهذا خَطأٌ ألا تَراه لو قالَ لها: «إنْ كَلَّمتِ زَيدًا، فأنتِ طالقٌ»، فكلَّمَت زَيدًا وعَمرًا معًا طلُقَت، ولَم يَمنَعْ كَلامُها لعَمروٍ مِنْ وُقوعِ الطَّلاقِ بكَلامِها لزَيدٍ؟ (١).

وجاءَ في «المُدونة الكُبرَى»: (قلتُ): أَرأَيت إنْ حلَفَ رَجلٌ أنْ لا يَأذنَ لامرَأتِه أنْ تَخرجَ إلا في عِيادةِ مَريضٍ فأذِنَ لها فخرَجَت في عِيادةِ مَريضٍ ثم عرَضَت لها حاجةٌ غيرُ العِيادةِ وهي عندَ المَريضِ فذهَبَت فيها أَيَحنثُ الزَّوجُ أم لا قالَ لا يَحنثُ؟ (قلتُ): أَرأيتَ إنْ حلَفَ أنْ لا يَأذنَ لامرَأتِه أنْ تَخرجَ إلا في عِيادةِ مَريضٍ فخرَجَت مِنْ غيرِ أنْ يَأذنَ لها إلى الحَمامِ أو إلى غيرِ ذلك أيَحنثُ أم لا؟ (قالَ): لا يَحنثُ في رَأيي؛ لأنَّ الزَّوجَ لَم يَأذنْ لها إلى حيثُ خرَجَت إلا أنْ يَعلمَ بذلك فيَتركُها فإنْ هو حينَ يَعلمُ بذلك لَم يَتركْها فإنَّه لا يَحنثْ (قلتُ): فإنْ لَم يَعلمْ حتى فرَغَت مِنْ ذلك ورجَعَت (قالَ): لا حِنثَ عليه في رَأيي، (قالَ سحنُونٌ): وقد ذُكرَ عن رَبيعةَ شيءٌ مثلُ هذا أنَّه حانِثٌ في غيرِ العِيادةِ إذا أقَرَّها لأنَّه قد كانَ يَقدرُ على ردِّها فلما ترَكَها فإنَّه أذِنَ لها في خُروجِها (٢).


(١) «المدونة الكبرى» (٣/ ١٣٦)، و «الذخيرة» (٤/ ٣٠)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٣٤١)، و «الأم» (٧/ ٧٨)، و «الحاوي الكبير» (١٥/ ٣٩٤، ٣٩٥)، و «المهذب» (٢/ ٩٦)، و «البيان» (١٠/ ٣٠٣، ٣٠٤)، و «أسنى المطالب» (٣/ ٣٣٢)، و «المغني» (١٠/ ٤٧)، و «الكافي» (٤/ ٤٠٨)، و «المبدع» (٧/ ٣٥٩)، و «الإنصاف» (٩/ ٩٩، ١٠٠)، و «كشاف القناع» (٥/ ٣٥٥)، و «الروض المربع» (٢/ ٤٠٠).
(٢) «المدونة الكبرى» (٣/ ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>