للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثانِي: تَجبُ كَفارةٌ واحِدةٌ وهو الصَّحيحُ؛ لأنَّ الثانِيةَ لا تُفيدُ إلا ما أَفادَت الأُولى فلَم يَجبْ أَكثرُ مِنْ كَفارةٍ كما لو قصَدَ بها التَّأكيدَ.

وإن لَم يَكنْ له نيةٌ فإنْ قُلنا إنَّه إذا نَوى الاستِئنافَ لزِمَته كَفارةٌ واحِدةٌ فههُنا أَولَى، وإنْ قُلنا هناكَ تَجبُ كَفارَتانِ ففي هذا قَولانِ بِناءً على القَولينِ فيمن كرَّرَ لفظَ الطَّلاقِ ولَم يَنوِ (١).

وذهَبَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ عليه كَفارةً واحِدةً وإنْ نَوى التَّكرارَ؛ لأنَّه حِنثٌ واحِدٌ أَوجبَ جِنسًا واحِدًا مِنْ الكَفاراتِ فلَم يَجبْ به أَكثرُ مِنْ كَفارةٍ كما لو قصَدَ التَّأكيدَ والتَّفهيمَ، ولأنَّ الكَفاراتِ زَواجِرُ بمَنزلةِ الحُدودِ، والحُدودُ تَتداخلُ، فكذلك الكَفاراتُ (٢).

قالَ الإمامُ ابنُ هُبيرةَ : واختَلَفوا فيما إذا كرَّرَ اليَمينَ على شيءٍ واحدٍ، وعلى أَشياءَ وحنِثَ.

فقالَ أَبو حَنيفةَ ومالكٌ وأَحمدُ في إِحدى الرِوايتَينِ: عليه بكُلِّ يَمينٍ كَفارةٌ سَواءٌ كانَت على فِعلٍ واحدٍ أو على أَفعالٍ، إلا أنَّ مالِكًا اعتبَرَ إِرادةَ التَّأكيدِ فقالَ: إنْ أَرادَ التَّأكيدَ فكَفارةٌ واحِدةٌ، وإنْ أَرادَ الاستِئنافَ فلكلِّ يَمينٍ كَفارةٌ.

وعن أَحمدَ رِوايةٌ أُخرَى: عليه كَفارةٌ واحِدةٌ في الجَميع وهي الجَميعُ، وهي التي اختارَها أَبو بَكرٍ عبدُ العَزيزِ مِنْ أَصحابِه، وظاهرُ كَلامِ الخِرقيِّ


(١) «المهذب» (٢/ ١٤١)، و «حاشية قليوبي» (٤/ ٦٩٩)، و «جواهر العقود» (٢/ ٢٦٤).
(٢) «المغني» (٩/ ٤٠٦)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>