للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنتم صادِقونَ» (١). وهذا نصٌّ. ورُويَ عن النَّبيِّ أنَّه قالَ: «مَنْ حلَفَ بغيرِ اللهِ فكَفارتُه أنْ يَقولَ: لا إلهَ إلا اللهُ».

ورُويَ أنَّه قالَ: «فقد أَشرَكَ» (٢).

فدلَّ على سُقوطِ الكَفارةِ في اليَمينِ بغيرِ اللهِ ولأنَّه حلَفَ بغيرِ اللهِ فوجَبَ أنْ لا تَلزمُه كَفارةٌ كما لو قالَ: «إنْ فَعلتُ كذا فأنا زانٍ» أو «شاربُ خَمرٍ» أو «قاتلُ نَفسٍ»، ولأنَّه حلَفَ بمَخلوقٍ يَحدثُ؛ لأنَّ اعتِقادَ الكُفرِ وبَراءتُه مِنْ الإِسلامِ مُحدثٌ، فوجَبَ أنْ لا تَلزمُه كَفارةٌ كما لو حلَفَ بالسَّماءِ والأَرضِ والمَلائكةِ والأَنبياءِ؛ ولأنَّه منَعَ نَفسَه مِنْ فِعلٍ بأَمرٍ مَحظورٍ، فوجَبَ أنْ لا تَكونَ يَمينًا تُوجبُ التَّكفيرَ، كما لو قالَ: «إنْ كَلمتُ زَيدًا فأنا فاسِقٌ»، أو «فعَليَّ قَتلُ نفسِي أو وَلدِي».

ولأنَّ الوُجوبَ مِنْ الشارعِ ولَم يَردْ في هذه اليَمينِ نصٌّ ولا هي في قِياسِ المَنصوصِ فإنَّ الكَفارةَ إنَّما وجَبَت في الحَلفِ باسمِ اللهِ تَعظيمًا لاسمِه وإِظهارًا لشَرفِه وعَظمتِه ولا تَتحَققُ التَّسويةُ (٣).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٢٤٨)، والنسائي في «السنن الكبرى» (٤٧١٠).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تقدم.
(٣) «عيون المسائل» للقاضي عبد الوهاب المالكي ص (٤٩٩)، و «الذخيرة» (٤/ ١٥)، و «القوانين الفقهية» ص (١٠٦)، و «الحاوي الكبير» (١٥/ ٢٦٣)، و «شرح صحيح مسلم» (١١/ ١٠٧)، و «النجم الوهاج» (١٠/ ٢١)، و «مغني المحتاج» (٦/ ٢٠٦)، و «المغني» (٩/ ٤٠٠، ٤٠١)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٣٠٥)، و «المبدع» (٩/ ٢٧٣، ٢٧٤)، و «الإنصاف» (١١/ ٣٢)، و «منار السبيل» (٣/ ٤٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>