للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا ظاهِرُ كَلامِ الخِرقيِّ، وهو قولُ أَكثرِ الفُقهاءِ (١).

وقالَ شيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ : فأما الحَلفُ بالمَخلوقاتِ كالحَلفِ بالكَعبةِ أو قبْرِ الشَّيخِ أو بنِعمةِ السُّلطانِ أو بالسَّيفِ أو بِجاهِ أحدٍ مِنْ المَخلوقِينَ، فما أَعلمُ بينَ العُلماءِ خِلافًا أنَّ هذه اليَمينَ مَكروهةٌ مَنهيٌّ عنها وأنَّ الحَلفَ بها لا يُوجبُ حِنثًا ولا كَفارةَ (٢).

وقالَ شيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ : وأما الحَلفُ بغيرِ اللهِ مِنْ المَلائكةِ والأَنبياءِ والمَشائخِ والمُلوكِ وغيرِهم فإنَّه مَنهيٌّ عنه غيرُ مُنعقِدٍ باتِّفاقِ الأُئمةِ، ولَم يُنازِعوا إلا في الحَلفِ برَسولِ اللهِ خاصَّةً، والجُمهورُ على أنَّه لا تَنعقِدُ اليَمينُ لا به ولا بغيرِه، وقد قالَ النَّبيُّ: «مَنْ كانَ حالِفًا فليَحلِفْ باللهِ أو ليَصمُتْ» (٣) وقالَ: «مَنْ حلَفَ بغيرِ اللهِ فقد أَشرَكَ» (٤).


(١) «المغني» (٩/ ٤٠٥).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٣٥/ ٢٤٣).
(٣) أخرجه البخاري (٦٢٧٠، ٦٢٧١)، ومسلم (١٦٤٦).
(٤) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٢٥١)، والترمذي (١٥٣٥)، و «قالَ: قالَ أَبو عِيسى هذا حَديثٌ حَسنٌ وفُسرَ هذا الحَديثَ عندَ بعضِ أهلِ العِلمِ أنَّ قولَه: «فقد كفَرَ أو أَشرَكَ» على التَّغليظِ، والحُجةُ في ذلك حَديثُ ابنِ عُمرَ أنَّ النَّبيَّ سمِعَ عُمرَ يَقولُ: وأَبي وأَبي فقالَ: ألا إنَّ اللهَ يَنهاكُم أنْ تَحلِفوا بآبائِكم. وحَديثُ أَبي هُريرةَ عن النَّبيِّ أنَّه قالَ: مَنْ قالَ في حَلفِه: واللّات والعُزَّى فليَقلْ: لا إلهَ إلا اللهُ. قالَ أَبو عِيسى: هذا مِثلُ ما رُويَ عن النَّبيِّ أنَّه قالَ: إنَّ الرِّياءَ شِركٌ، وقد فسَّرَ بعضُ أهلِ العِلمِ هذه الآية ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا﴾ [الكهف: ١١٠] الآية قالَ: لا يُرائِي». «سنن الترمذي» (٤/ ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>