١٧ - ولَو حلَفَ لا يَشربُ مِنْ ماءِ دِجلةَ فشرِبَ منها بإِناءٍ حنِثَ؛ لأنَّه شرِبَ ماءً مُضافًا إلى دِجلةَ فحنِثَ.١٨ - ومَن حلَفَ لا يَأكلُ مِنْ هذه الحِنطَةِ فأكَلَ مِنْ خُبزِها لَم يَحنَثْ، وإنَّما يَحنَثُ إذا قضَمَها؛ لأنَّ لها حَقيقةً مُستَعملَةً، فإنَّها تُغلَى وتُقلَى وتُؤكَلُ قَضمًا، والحَقيقةُ مُقدَّمةٌ على المَجازِ.١٩ - وإنْ حلَفَ لا يَأكُلُ مِنْ هذا الدَّقيقِ فأكَلَ مِنْ خُبزِه حنِثَ؛ لأنَّ العادَةَ أَكلُه هكذَا، وليسَ له حَقيقةٌ تُعرَفُ غيرُ ذلك، وهذا إذا لَم يَكنْ له نيَّةٌ، فإنْ نَوى أنْ يَأكُلَه بعَينِه لَم يَحنَثْ إذا أكَلَ مِنْ خُبزِه؛ لأنَّه نَوى حَقيقةَ كَلامِه، ولَو استَفَّه كما هو لَم يَحنَثْ؛ لأنَّه لَم تَجرِ العادَةُ باستِعمالِه كَذلك؛ لأنَّ مالَه مَجازٌ مُستَعملٌ وليسَت له حَقيقةٌ مُستَعملَةٌ، تَناولَت اليَمينُ المَجازَ بالإِجماعِ، والدَّقيقُ بهذه المَنزِلةِ.٢٠ - وإنْ حلَفَ لا يُكلِّمُ فُلانًا فكلَّمَه وهو بحَيثُ يَسمعُ إلَّا أنَّه نائِمٌ حنِثَ؛ لأنَّه قد كلَّمَه ووصَلَ إلى سَمعِه، إلَّا أنَّه لَم يَفهَمْ لنَومِه، كما لو كلَّمَه وهو غافِلٌ، وكذا إذا نادَاه وهو بحيثُ يَسمعُ إلا أنَّه لَم يَفهَمْ لغَفلَتِه، وكذا لو دَقَّ عليه البابَ، فقالَ الحالِفُ: مَنْ هذا، أو: أنتَ؟ فإنَّه يَحنَثُ؛ لأنَّه مُكَلِمٌ له، ولَو نادَاه المَحلوفُ عليه فقالَ له: «لبَّيكَ» حنِثَ.وإنْ حلَفَ لا يُكلِّمُه إلا بإذنِه فأذِنَ له ولَم يَعلمْ بإذنِه حتى كلَّمَه حنِثَ.٢١ - ومَن حلَفَ لا يَبيعُ ولا يَشتَرِي ولا يُؤجِّرُ فوكَّلَ مَنْ فعَلَ ذلك لَم يَحنَثْ، إلا أنْ يَنويَ ذلك؛ لأنَّ حُقوقَ هذه الأَشياءِ تَرجعُ إلى العاقِدِ دونَ الآمِرِ، فأمَّا إذا نَوى ذلك حنِثَ؛ لأنَّه شدَّدَ على نَفسِه وإنْ كانَ الوَكيلُ هو الحالِفُ لأنَّه التَزمَ حُقوقَ هذا العَقدِ، وإنْ كانَ الحالِفُ ممَّنْ جَرتْ عادَتُه أنْ لا يَتولَّى ذلك بنَفسِه، مثلَ السُّلطانِ ونَحوِهِ، فأمَرَ غيرَه أنْ يَفعَلَ ذلك حنِثَ؛ لأنَّ يَمينَه على الآمِرِ به، فإنْ نَوى أنْ لا يَتولَّاه بنَفسِه دُينَ في القَضاءِ؛ لأنَّه نَوى حَقيقةَ كَلامِه. =
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute