وكذا لو حلَفَ على فِعلِ شيءٍ أو على تَركِه في وَقتٍ مُعيَّنٍ مثلَ أنْ يَحلفَ لا يَتغدَّى ويُريدُ اليومَ أو «لا أَكلتُ» ويُريدُ الساعةَ أو «تَغدَّ معي» فقالَ: «واللهِ لا أَتغدَّى معك» وقالَ: «نَويتُ اليومَ» فإنَّه يُقبلُ منه واختَصتْ يَمينُه بما نَواه.
وكذا لو قصَدَ مَعنًى عامًا وعبَّرَ عنه بلَفظٍ خاصٍّ كالحالفِ لا «أَشربُ لفُلانٍ ماءً» أو «لا أَلبسُ ثوبًا مِنْ غَزلِ امرَأتِه» بقَصدِ قَطعِ المنِّ بأنْ يَقطعَ كلَّ ما فيه مِنةٌ فإنَّه يَحنثُ بكلِّ ما يَنتفِعُ به منهما؛ لأنَّه نَوى بيَمينِه ما يَحتمِلُه ويَسوغُ به في اللُّغةِ التَّعبيرُ به فتَنصرِفُ يَمينُه إليه كالمَعاريضِ.
وكذا لو حلَفَ لا يَأوي معَ زَوجتِه في دارٍ سَماها يُريدُ جَفاءَها فيعم جَميعَ الدُّورِ (١).
قالَ المالِكيةُ: إنَّ النِّيةَ لا تَخلُو مِنْ ثَلاثةِ أَحوالٍ:
١ - إما أنْ تَكونَ النِّيةُ مُساوِيةً لظاهِرِ اللَّفظِ، أيْ تَحتمِلُ إِرادةَ ظاهِرِ اللَّفظِ، وتَحتمِلُ إِرادتَها على السَّواءِ بِلا تَرجيحٍ لأَحدِهما على الآخَرِ. فيَصدقُ مُطلقًا في اليَمينِ باللهِ وَغيرِهَا مِنْ التَّعاليقِ في الفَتوَى والقَضاءِ، كحَلفِهِ لزَوجتِه إنْ تَزوَّجَ في حَياتِها فالتي يَتزوَّجُها طالِقٌ فتَزوَّجَ بعدَ طَلاقِها وقالَ:«نَويْتُ حَياتَها في عِصمَتي وهي الآنَ ليسَتْ في عِصمَتي»، ومِن ذلك
(١) «الجوهرة النيرة» (٦/ ٩، ١٠)، و «بداية المجتهد» (١/ ٣٠٤، ٣٠٥)، و «التاج والإكليل» (٢/ ٣٠٢، ٣٠٣)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٦٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٤١٥، ٤١٧)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٣٨١، ٣٨٣)، و «النجم الوهاج» (١٠/ ٤٨، ٥٢)، و «مغني المحتاج» (٦/ ٢٢١، ٢٢٣)، و «كشاف القناع» (٦/ ٣١١، ٣١٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٣٩٢، ٣٩٣).