للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا: لو حلَفَ: «لا أَقعدُ في ضَوءِ السِّراجِ»، فقعَدَ في ضَوءِ الشَّمسِ .. لَم يَحنثْ وإنْ كانَ قد سَماها اللهُ سِراجًا؛ حيثُ قالَ اللهُ تَعالى: ﴿وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (١٣)[النبأ: ١٣].

ولو حلَفَ: لا يَقعدُ تحتَ سَقفٍ، فقعَدَ تحتَ السَّماءِ .. لَم يَحنثْ، وإنْ كانَ اللهُ تَعالى قد سَماها سَقفًا، فقالَ تَعالى: ﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا﴾ [الأنبياء: ٣٢] (١).

قالَ الإمامُ الماوَرديُّ : قالَ الشافِعيُّ: (ولو حلَفَ لا يَشتَري فأمَرَ غيرَه أو لا يُطلقُ فجعَلَ طَلاقَها إليها فطلَّقَت أو لا يَضربُ عبدَه فأمَرَ غيرَه فضرَبَه لا يَحنثُ إلا أن يَكونَ نَوى ذلك)

قالَ الماوَرديُّ: اعلَمْ أنَّه لا يَخلو حالٌ مِنْ حَلفٍ لا يَفعلُ شَيئًا فأمرَ غيرَه حتى فعَلَه مِنْ ثَلاثةِ أَحوالٍ:

أَحدُها: أنْ يَنويَ لا يَفعلُه بنَفسِه، فلا يَحنثُ إذا أمَرَ غيرَه بفِعلِه، لا يَختلِفُ المَذهبُ فيه اعتِبارًا بنِيتِه، سَواءٌ جلَّ قدرُ الحالِفِ أو قلَّ.

والحالُ الثانِيةُ: أنْ يَنويَ أنَّه لا كانَ منه ما يَقتضِي ذلك الفِعلَ ولا كانَ باعثًا عليه فيَحنثُ إذا أمَرَ غيرَه بفِعلِه كما يَحنثُ إذا فعَلَه بنَفسِه؛ لأنَّه قد كانَ باعثًا عليه سَواءٌ جلَّ قدرُ الحالِفِ أو قلَّ.

والحالُ الثالِثةُ: أنْ تَكونَ يَمينُه مُطلَقةً لَم تَقتَرنْ بها نِيةٌ، فيَنقسِمُ ذلك الفِعلُ المَحلوفُ عليه ثَلاثةَ أَقسامٍ:


(١) «البيان» (١٠/ ٥٦١، ٥٦٢)، و «كفاية الأخيار» ص (٥٩٢، ٥٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>