للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الشافِعيةُ في قَولٍ والحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّه يَجوزُ أنْ يَقضيَ بعِلمِه في الحُدودِ كما يَقضي بعِلمِه في الحُقوقِ (١).

وقد ذكَرَ الإِمامُ ابنُ القَيمِ بعضَ حُججِ كلِّ فَريقٍ مِنْ المُجوِّزينَ والمانِعينَ فقاَل بعدَ أنْ ذكَرَ الخِلافَ:

«واحتَجُّوا -أيْ: المُجيزينَ- أيضًا بقَولِه تَعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ﴾ [النساء: ١٣٥] وليسَ مِنْ القِسطِ أنْ يَعلمَ الحاكمُ أنَّ أَحدَ الخَصمينِ مَظلومٌ والآخرَ ظالمٌ ويَتركُ كلًّا منهما على حالِه.

قالَ الآخرونَ: ليسَ في هذا مَحذورٌ حيثُ لمْ يَأتِ المَظلومُ بحًجةٍ يَحكمُ له بها فالحاكمُ مَعذورٌ؛ إذ لا حُجةَ معَه يُوصلُ بها صاحبُ الحقِّ إلى حقِّه، وقد قالَ سَيدُ الحُكامِ -صَلواتُ اللهِ وسَلامُه عليه-: «إنَّكم تَختصمونَ إليَّ ولعلَّ بعضَكم يَكونُ أَلحنَ بحُجتِه مِنْ بَعضٍ فأَحسبُ أنَّه صادقٌ فأَقضى له، فمَن قَضيتُ له بشَيءٍ مِنْ حقِّ أَخيه فلا يَأخذْه، فإنما أَقطعُ له قِطعةً مِنْ النارِ» (٢).


(١) «الحاوي الكبير» (١٦/ ٣٢٢، ٣٢٣)، و «البيان» (١٣/ ١٠٢، ١٠٤)، و «المغني» (١٠/ ١٠١، ١٠٢)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٣٧١، ٣٧٢)، و «الطرق الحكمية» (٢٨٥، ٢٨٨).
(٢) أخرجه البخاري (٦٧٤٨)، ومسلم (١٧١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>