للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشافِعيةُ: لا يَجوزُ للقاضِي أنْ يَحكمَ لنَفسِه، كما لا يَجوزُ أنْ يَشهدَ لنَفسِه. فإنِ اتفَقَ بينَه وبينَ غيرِه خُصومةٌ .. تحاكَما إلى الإِمامِ أو إلى بعضِ القُضاةِ الذين وَلاهم الإِمامُ، فإنْ تحاكَما إلى خَليفةِ القاضِي المُخاصمِ .. صحَّ؛ ل: (أنَّ عُمرَ تحاكَمَ معَ أُبي بنِ كَعبٍ إلى زَيدِ بنِ ثابتٍ)، و: (تحاكَمَ عُثمانُ معَ طَلحةَ إلى جُبيرِ بنِ مُطعمٍ)، و: (تحاكَمَ عليٌّ معَ يَهوديٍّ في دِرعٍ إلى شُريحٍ).

ويَنفذُ قَضاؤُه على نَفسِه وهل هو إِقرارٌ أو حُكمٌ فيه وَجهانِ والأَوجهُ أنَّه حُكمٌ.

ولا يَجوزُ له أنْ يَحكمَ لوالدِه وإنْ عَلا، ولا لوَلدِه وإنْ سفَلَ.

وقالَ أَبو ثَورٍ: يَجوزُ.

دَليلُنا: أنَّه لا تُقبلُ شَهادةٌ له، فلمْ يَصحَّ حُكمُه له، كنَفسِه.

وإنْ تحاكَمَ إليه والدُه ووَلدُه .. فهل يَصحُّ حُكمُه بينَهما؟ فيه وَجهانِ:

أَحدُهما: لا يَصحُّ، كما لا يَصحُّ حُكمُه بينَ أَحدِهما وبينَ أَجنبيٍّ.

والثانِي: يَصحُّ؛ لأنَّهما سَواءٌ في البَعضيةِ منه، فارتفَعَتْ عنه تُهمةُ المَيلِ.

ولا يَجوزُ أنْ يَقضيَ لشَريكِه فيما لهم فيه شَركةٌ لوُجودِ التُّهمةِ.

ويَقضي له ولهؤلاءِ إذا وقَعَتْ له أو لهم خُصومةٌ نائبُه؛ لأنَّه حاكمٌ أو الإِمامُ أو قاضٍ آخرُ لانتفاءِ التُّهمةِ ولا يَقضي على عَدوٍّ له كالشَّهادةِ عليه.

وله أنْ يَحكمَ ليَتيمٍ وَصى به إليه لأنَّ القاضِي يَلي أَمرَ الأَيتامِ كلِّهم وإنْ لم يَكنْ وَصيًّا فلا تُهمةَ، وقيلَ: ليسَ له ذلك كما لا يَشهدُ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>