للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا أَحدٌ مِنْ خُلفائِه ولا مَنْ بعدَهم امرَأةً قَضاءً ولا وِلايةَ بَلدٍ فيما بلَغَنا، ولو جازَ ذلك لمْ يَخلُ منه جَميعُ الزَّمانِ غالبًا.

ولأنَّه لمَّا مَنعَها نَقصُ الأُنوثةِ مِنْ إِمامةِ الصَّلواتِ معَ جَوازِ إِمامةِ الفاسقِ كانَ المَنعُ مِنْ القَضاءِ الذي لا يَصحُّ مِنْ الفاسقِ أَولى؛ لأنَّ حالَ القَضاءِ آكدٌ مِنْ حالِ الإِمامةِ في الصَّلاةِ، فإذا لمْ يَجزْ أنْ تَكونَ المَرأةُ إِمامةً للرِّجالِ فلئلَّا يَجوزَ أنْ تَكونَ قاضيةً أَولى.

ولأنَّ نَقصَ الأُنوثةِ يَمنعُ مِنْ انعِقادِ الوِلاياتِ كإِمامةِ الأُمةِ (١).

وذهَبَ ابنُ القاسمِ مِنْ المالِكيةِ فيما حَكاه عنه ابنُ أَبي مَريمَ وهو قَولُ الحَسنِ البَصريِّ وابنِ حَزمٍ وابنِ جَريرٍ الطَّبريِّ إلى أنَّه تَجوزُ وِلايةُ المَرأةُ للقَضاءِ مُطلقًا في الحُدودِ وغيرِها، وقيلَ: إنَّ قَولَ ابنِ القاسمِ كمَذهبِ أَبي حَنيفةَ أنَّه يَجوزُ في غيرِ الحُدودِ. واستدَلُّوا على ذلك بقياسِ القَضاءِ على الفَتوى، فكما يَجوزُ للمَرأةِ أنْ تَكونَ مُفتيةً يَجوزُ لها أنْ تَكونَ قاضِيةً (٢).

قالَ الماوَرديُّ: «وشذَّ ابنُ جَريرٍ الطَّبريِّ فجوَّزَ قَضاءَها في جَميعِ الأَحكامِ، ولا اعتِبارَ بقَولٍ يَردُّه الإِجماعُ» (٣).


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٥/ ١٨، ٢٠)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٥٢)، و «مواهب الجليل» (٨/ ٥٢)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٥٣)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٣)، و «الحاوي الكبير» (١٦/ ١٥٦)، و «البيان» (١٣/ ٢٠، ٢١)، و «النجم الوهاج» (١٠/ ١٤٤)، و «مغني المحتاج» (٦/ ٢٨٨)، و «المغني» (١٠/ ٩٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٤٧٥)، و «منار السبيل» (٣/ ٤٥٤).
(٢) «مواهب الجليل» (٨/ ٥٢)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٥٣)، و «المغني» (١٠/ ٩٢).
(٣) «الأحكام السلطانية» ص (١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>