للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا يَجبُ عليه طَلبُ القَضاءِ بأنْ لم يَكنْ أَحدٌ غيرُه يَصلحُ للقَضاءِ وجَبَ عليه الطَّلبُ؛ صِيانةً لحُقوقِ المُسلِمينَ، ودفعًا لظُلمِ الظالمِ (١).

وقالَ المالِكيةُ: يَلزمُ قَبولُ الوِلايةِ وطَلبُها في ثَلاثِ أَحوالٍ:

الأوَّلُ: أنْ يَكونَ مُتعينًا أيْ: المُنفردُ بشُروطِ القَضاءِ فلا يَجوزُ له الامتناعُ مِنْ ذلك، فإنْ طلَبَه الإِمامُ لزِمَه القَبولُ، وإذا امتنَعَ مَنْ وجَبَ عليه مِنْ القَبولِ أُجبِرَ، وإنْ بضَربٍ وسَجنٍ.

الثَّاني: الخائفُ فِتنةً على نَفسِه أو مالِه أو وَلدِه وإنْ لمْ يَنفردْ بشُروطِ القَضاءِ إنْ لمْ يَتولَّ.

الثالثُ: الخائفُ ضَياعَ الحَقِّ على أَربابِه بسَببِ تَوليةِ غيرِه -بأنْ كانَ مِمَّنْ تَحرمُ وِلايتُه- فإنْ لم يَقبلْ تَضيعُ حُقوقُ الناسِ؛ فيَلزمُه.

وكذلك إنْ كانَ القَضاءُ بيدِ مَنْ لا يَحلُّ بَقاؤُه عليه ولا سَبيلَ إلى عَزلِه إلا بتَصدي هذا إلى الوِلايةِ فيَتعينُ عليه التَّصدي لذلك والسَّعي فيه إذا قصَدَ بطَلبِه حِفظَ الحُقوقِ وجَريان الأَحكامِ على وَفقِ الشَّرعِ؛ لأنَّ في تَحصيلِه القيامِ بفَرضِ الكفايةِ.

وذكَرَ الدِّرديرُ أنَّه لا يَضرُّه بَذلُ مالٍ في طَلبِه حينَئذٍ إذا تعيَّنَ عليه أو خافَ الفِتنةَ أو ضَياعَ الحَقِّ إنْ لمْ يَتولَّ لأنَّه لأمرٍ مُتعيِّنٍ عليه.

وقيلَ: لا يَجوزُ له بذلك المالُ؛ لأنَّ بَذلَ المالِ في القَضاءِ مِنْ الباطلِ.


(١) «الاختيار» (٢/ ٩٧، ٩٨)، و «الفتاوى الهندية» (٣/ ٣٠٦)، و «حاشية ابن عابدين» (٥/ ٦٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>