للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانَ له مَخرَجٌ فخَلُّوا سَبيلَه، فإنَّ الإمامَ أن يُخطِئَ في العَفوِ خَيرٌ مِنْ أن يُخطِئَ في العُقوبةِ» (١).

ولا شَكَّ أنَّ الرُّجوعَ عن الإِقرارِ شُبهةٌ تُسقِطُ الحُدودَ.

ويُندَبُ للقاضي أنْ يُعرِّضَ للمُقِرِّ بالرُّجوعِ، ولا يَقولَ له: ارجِعْ، فيَكونَ أمرًا له بالكَذِبِ.

فلو رجَعَ المُقِرُّ بعدَ إِقرارِه بحُقوقِ اللهِ ﷿ صحَّ رُجوعُه، وزالَ عنه حُكمُ ما كانَ أقَرَّ به (٢).

قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ: ولا يُقبَلُ رُجوعُ المُقِرِّ عن إِقرارِه إلا فيما كانَ حَدًّا للَّهِ تَعالى يُدرَأُ بالشُّبَهاتِ ويُحتاطُ لإِسقاطِه.

فأمَّا حُقوقُ الآدَميِّينَ وحُقوقُ اللهِ تَعالى التي لا تُدرَأُ بالشُّبَهاتِ كالزَّكاةِ والكَفاراتِ فلا يُقبَلُ رُجوعُه بها، ولا نَعلَمُ في هذا خِلافًا (٣).

وقالَ الوَزيرُ ابنُ هُبيرةَ: واتَّفَقوا على أنَّ الحُرَّ البالِغَ إذا أقَرَّ بحَقٍّ مِنْ حُقوقِ الآدَميِّينَ لزِمَه إِقرارُه ولم يَكنْ له الرُّجوعُ فيهِ (٤).

وقد مَضى ذلك في كِتابِ الحُدودِ وسيَأتي مَزيدُ بَيانٍ له إنْ شاءَ اللهُ في هذا الكِتابِ.


(١) رواه الترمذي (١٤٢٤).
(٢) «البيان» (١٣/ ٤١٨)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٢٧٤)، و «اللباب» (١/ ٤٥٥)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ٢٨٦)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٨٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٨٥).
(٣) «المغني» (٥/ ٩٥).
(٤) «الإفصاح» (١/ ٤٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>