ويَقولُ آخَرُ:«لا أعلَمُ أحَدًا أوجَبَ الصَّلاةَ على النَّبيِّ ﷺ في الصَّلاةِ» وإيجابُها مَحفوظٌ عن أبي جَعفرٍ الباقِرِ (١).
وذلك أنَّ غايةَ كَثيرٍ من العُلماءِ أنْ يَعلمَ قَولَ أهلِ العِلمِ الذين أدرَكَهم في بِلادِه، فهو لا يَعلمُ أَقوالَ جَماعاتٍ غيرِهم.
كما تَجدُ كَثيرًا من المُتقدِّمينَ لا يَعلمُ إلا قَولَ المَدنيِّينَ والكُوفيِّينَ، وتَجدُ كَثيرًا من المُتأخِّرينَ لا يَعلمُ إلا قَولَ اثنَينِ، أو ثَلاثةٍ من الأئِمةِ المَتبوعينَ وما خرَجَ عن ذلك فإنَّه عندَه يُخالِفُ الإِجماعَ، لأنَّه لا يَعلمُ به قائِلًا، وما زالَ يَقرعُ سَمعَه خِلافُه.
فهذا لا يُمكنُه أنْ يَصيرَ إلى حَديثٍ يُخالِفُ هذا، لخَوفِه أنْ يَكونَ هذا خِلافًا للإِجماعِ، أو لاعتِقادِه أنَّه مُخالِفٌ للإِجماعِ، والإِجماعُ أعظَمُ الحُججِ.
وهذا عُذرُ كَثيرٍ من الناسِ في كَثيرٍ ممَّا يَتركونَه، وبعضُهم مَعذورٌ فيه حَقيقةً، وبعضُهم مَعذورٌ فيه، وليس في الحَقيقةِ بمَعذورٍ.
وكذلك كَثيرٌ من الأَسبابِ قبلَه وبعدَه.
(١) وقال بوُجوبِها أيضًا الشافِعيةُ والحَنابِلةُ في الصَّحيحِ عندَهم، كما بيَّنتُ ذلك في مَوضِعِه بفَضلِ اللهِ.