للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي «فَتاوى أهلِ سَمَرقَندَ» استِماعُ صَوتِ المَلاهي كالضَّربِ بالقَصَبِ، وغَيرِ ذلك من المَلاهي، حَرامٌ، وقد قالَ : «استِماعُ المَلاهي مَعصيةٌ، والجُلوسُ عليها فِسقٌ، والتَّلذُّذُ بها من الكُفرِ» وهكذا خرَجَ على وَجهِ التَّشديدِ بعِظَمِ الذَّنبِ؛ قالوا: إلا أنْ يُسمِعَ نَفسَه فيَكونَ مَعذورًا، والواجِبُ على كلِّ أحَدٍ أنْ يَجتهِدَ حتى لا يَسمعَ (١).

وقالَ المالِكيةُ: الغِناءُ إنْ كانَ بغَيرِ آلةٍ فهو مَكروهٌ، ولا يَقدَحُ في الشَّهادةِ بالمَرَّةِ الواحِدةِ، بل لا بدَّ من تَكرُّرِه، وفي «المُدوَّنة» تُردُّ شَهادةُ المُغنِّي والمُغنِّيةِ والنائِحِ والنائِحةِ إذا عُرِفوا بذلك.

المازِريُّ: وأمَّا الغِناءُ بآلةٍ فإنْ كانَت ذاتَ أَوتارٍ كالعُودِ والطُّنبورِ فمَمنوعٌ، وكذلك المِزمارُ.

قالَ الحَطابُ: والظاهِرُ عندَ بَعضِ العُلماءِ أنَّ ذلك يُلحَقُ بالمُحرَّماتِ، وإنْ كانَ مُحمدٌ أطلَقَ في سَماعِ العُودِ أنَّه مَكروهٌ، وقد يُريدُ بذلك التَّحريمَ.

ونَصَّ مُحمدُ بنُ عبدِ الحَكَمِ على أنَّ سَماعَ العُودِ تُردُّ به الشَّهادةُ، قالَ: إلا أنْ يَكونَ ذلك في عُرسٍ أو صَنيعٍ ليسَ معَه شَرابٌ يُسكِرُ؛ فإنَّه لا يَمنَعُ من قَبولِ الشَّهادةِ، قالَ: وإنْ كانَ ذلك مَكروهًا على كلِّ حالٍ وقد يُريدُ بالكَراهةِ التَّحريمَ، كما قَدَّمنا، انتَهى ونقَلَه ابنُ عَرَفةَ أيضًا (٢).


(١) «المحيط البرهاني» (٥/ ٢٣٣)، و «تبيين الحقائق» (٤/ ٢٢٢)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ١٦١، ١٦٣)، و «اللباب» (٢/ ٤٥٦)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ٢٧٨)، و «حاشية ابن عابدين» (٧/ ١٥٥).
(٢) «مواهب الجليل» (٨/ ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>