للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختارَها ابنُ وَهبانَ ولم يَتعَقَّبْه ابنُ الشِّحنةِ لكنَّ الحَديثَ شاهِدٌ لما عليه المُتأخِّرونَ كما رَواه أَبو داودَ مَرفوعًا: «لا تَجوزُ شَهادةُ خائِنٍ ولا خائِنةٍ ولا زانٍ ولا زانيةٍ ولا ذي غِمرٍ على أَخيه»، والغِمرُ: الحِقدُ.

ويُمكِنُ حَملُه على ما إذا كانَ غيرَ عَدلٍ بدَليلِ أنَّ الحِقدَ فِسقٌ، للنَّهيِ عنه (١).

وقالَ الحَصكَفيُّ: (والعَدُوُّ لا تُقبلُ شَهادَتُه على عَدوِّه إذا كانَت دُنيويةً) (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ عابدينَ : ولكنْ بَقيَ ههُنا تَحقيقُ تَوفيقٍ، وهو أنَّه ذَكَر في القُنيةِ أنَّ العَداوةَ الدُّنيويةَ لا تَمنَعُ قَبولَ الشَّهادةِ ما لم يَفسُقْ بها، وأنَّه الصَّحيحُ، وعليه الاعتِمادُ، وأنَّ ما في المُحيطِ والواقِعاتِ من أنَّ شَهادةَ العَدوِّ على عَدوِّه لا تُقبلُ اختِيارُ المُتأخِّرينَ، والرِّوايةُ المَنصوصُ عليها تُخالِفُها، وأنَّه مَذهبُ الشافِعيِّ، وقالَ أَبو حَنيفةَ: تُقبلُ إذا كانَ عَدلًا، وفي المَبسوطِ: إنْ كانَت دُنيويةً فهذا يُوجِبُ فِسقَه فلا تُقبلُ شَهادَتُه. اه مُلخَّصًا.

والحاصِلُ أنَّ في المَسألةِ قَولَينِ مُعتمدَينِ:

أحَدُهما: عَدمُ قَبولِها على العَدُوِّ، وهذا اختيارُ المُتأخِّرينَ، وعليه صاحِبُ «الكَنز» و «المُلتَقَى»، ومُقتَضاه أنَّ العِلةَ العَداوةُ لا الفِسقُ وإلا لم تُقبَلْ على غيرِ العَدُوِّ أيضًا، وعلى هذا لا يَصحُّ قَضاءُ العَدوِّ على عَدوِّه أيضًا.


(١) «البحر الرائق» (٧/ ٨٥، ٨٦).
(٢) «الدر المختار» (٥/ ٣٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>