للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[البقرة: ٢٨٢]، وقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [الطلاق: ٢] ولم يُفرِّقْ، فوجَبَ أنْ يَكونَ على عُمومِه.

ورَوى مُجالِدٌ عن الشَّعبيِّ عن سُوَيدِ بنِ غَفَلةَ أنَّ يَهوديًّا كانَ يَسوقُ امرَأةً على حِمارةٍ فنخَسَها فرَمَت بها، فوقَعَت عليها، فشهِدَ عليه زَوجُها وأَخوها بقَتلِها عندَ عُمرَ بنِ الخَطابِ وقبِلَ شَهادتَهما. وقتَلَه وصلَبَه. وقالَ سُوَيدُ بنُ غَفلةَ: إنَّه لأوَّلُ مَصلوبٍ صُلبَ بالشامِ. وليسَ لعُمرَ مُخالِفٌ في الصَّحابةِ معَ انتِشارِ القِصةِ، فثبَتَ أنَّه إِجماعٌ لا مُخالِفَ له.

ولأنَّ بينَهما صِلةً لا تُوجِبُ العِتقَ لم يُمنَعْ مِنْ قَبولِ الشَّهادةِ، كالعَشيرةِ، ولأنَّها حُرمةٌ حدَثَت عن صِلةٍ، فلم تَمنَعْ من قَبولِ الشَّهادةِ، كآباءِ الزَّوجَينِ وأَبنائِهما، ولأنَّه عَقدٌ على مَنفَعةٍ فلم يُوجِبْ رَدَّ الشَّهادةِ كالإجارةِ. ولأنَّه عَقدُ مُعاوَضةٍ لم يَمنَعْ مِنْ قَبولِ الشَّهادةِ كالبَيعِ.

ولأنَّ الزَّوجيةَ قد تَكونُ سَببًا للتَّنافُرِ والعَداوةِ، وقد تَكونُ سَببًا للمَيلِ والإِيثارِ، فهي نَظيرُ الأُخوَّةِ أو دونَ الأُخوَّةِ؛ فإنَّها تَحتمِلُ القَطعَ، والأُخوَّةُ لا تَحتمِلُ.

ودَليلُ هذا الوَصفِ جَريانُ القِصاصِ بينَهما في الطَّريقينِ في النَّفسِ، وأنَّ كلَّ واحِدٍ منهما لا يُعتَقُ على صاحِبِه إذا ملَكَه، ولأنَّ هذه وَصلةٌ بينَهما باعتِبارِ عَقدٍ لا يُؤثِّرُ في المَنعِ مِنْ قَبولِ الشَّهادةِ كالصَّداقِ والإِظهارِ والإِختانِ، وهذا لأنَّ عَقدَ النِّكاحِ يُثبِتُ أَحكامًا مُشتَركةً بَينَهما، ففيما وَراءَ ذلك يَنْزِلُ كلُّ واحِدٍ منهما مِنْ صاحِبِه مَنزِلةَ الأجنَبيِّ كشَريكَيِ العِنانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>