[الروم: ٢١]، فأخبَرَ تَعالى أنَّ سَبَبَ الزَّوجيةِ لسُكونِ نَفسِ كلِّ واحِدٍ من الزَّوجَينِ إلى الآخَرِ، وأنَّه طبَعَهما على التَّحابِّ والتَّوادِّ والحُنوِّ والرَّأفةِ والاتِّحادِ، فهو مَشروعٌ لمَعنَى الاتِّحادِ في القيامِ بمَصالِحِ المَعيشةِ، ولهذا جعَلَ رَسولُ اللهِ ﷺ أُمورَ ما في داخِلِ البَيتِ على فاطِمةَ ﵄، وأُمورَ ما في خارِجِ البَيتِ على علِيٍّ ﵁ وبهما تَقومُ مَصالِحُ المَعيشةِ، فكانا في ذلك كشَخصٍ واحِدٍ.
ولا يُقالُ هذا الاتِّحادُ بينَهما في حُقوقِ النِّكاحِ خاصَّةً؛ لأنَّ مَعنى الاتِّحادِ في حُقوقِ النِّكاحِ مُستحَقٌّ شَرعًا، وفيما وَراءَ ذلك ثابِتٌ عُرفًا فالظاهِرُ مَيلُ كلِّ واحِدٍ منهما إلى صاحِبِه وإِيثارُه على غَيرِه كما في الآباءِ والأولادِ بل أظهَرُ؛ فإنَّ الإِنسانَ قد يُعادي والدَيه لتَرضَى زَوجَتُه، وقد تَأخذُ المَرأةُ من مالِ أَبيها فتَدفَعُه إلى زَوجِها، والدَّليلُ عليه أنَّ كلَّ واحِدٍ منهما يَعدُّ مَنفَعةَ صاحِبِه مَنفَعتَه، ويُعدُّ الزَّوجُ غَنيًّا بمالِ الزَّوجةِ، قيلَ في تَأويلِ قَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (٨)﴾ [الضحى: ٨]، أي بمالِ خَديجةَ ﵂، ولمَّا جاءَ إلى عُمرَ ﵁ رَجلٌ فقالَ: إنَّ عَبدي سرَقَ مِرآةَ امرَأتِي، فقالَ:«مالُكَ سرَقَ بَعضُه بَعضًا».
والدَّليلُ على أنَّ الزَّوجةَ بمَنزِلةِ الأَولادِ حُكمًا استِحقاقُ الإرثِ بها مِنْ غيرِ حَجبٍ بمَن هو أقرَبُ.
تَوضيحُ الفَرقِ ما قُلنا: إنَّ الزَّوجةَ بمَنزِلةِ الأصلِ للوِلادِ؛ فإنَّ الوِلادَ يَنشأُ مِنْ الزَّوجيةِ، والحُكمُ الثابِتُ للفَرعِ يَثبُتُ في الأصلِ، وإنِ انعَدَم ذلك المَعنى فيه، ولأنَّه إنْ كانَ الزَّوجُ الشاهِدَ فهو يَجرُّ إلى نَفسِه نَفعًا؛ لأنَّ قِيمةَ