للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ عَطاءٌ ومُجاهِدٌ والحَسنُ ومالِكٌ والأَوزاعيُّ والثَّوريُّ وأَبو حَنيفةَ والشافِعيُّ وأَبو عُبَيدٍ: لا تُقبلُ شَهادتُه؛ لأنَّه غيرُ ذي مُروءةٍ، ولأنَّها مَبنيةٌ على الكَمالِ لا تَتبعَّضُ، فلم يَدخُلْ فيها العَبدُ، كالمِيراثِ.

وقالَ الشَّعبيُّ والنَّخعيُّ والحَكمُ: تُقبلُ في الشَّيءِ اليَسيرِ.

ولنا: عُمومُ آياتِ الشَّهادةِ وهو داخِلٌ فيها؛ فإنَّه مِنْ رِجالِنا، وهو عَدلٌ تُقبلُ رِوايتُه وفُتياه وأَخبارُه الدِّينيةُ.

ورَوى عُقبةُ بنُ الحارِثِ قالَ: تزوَّجتُ أُمَّ يَحيى بِنتَ أَبي إِهابٍ فجاءَت أَمةٌ سَوداءُ فقالَت: قد أرضَعتُكما، فذَكَرتُ ذلك لرَسولِ اللهِ فقالَ: «وكيف وقد زعَمَتْ ذلك؟» مُتَّفقٌ عليه، وفي رِوايةِ أَبي داودَ: فقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّها لكاذِبةٌ، قالَ: «وما يُدريك وقد قالَت ما قالَت؟ دَعْها عنك»، ولأنَّه عَدلٌ غيرُ مُتَّهمٍ تُقبلُ شَهادتُه كالحُرِّ.

ولا نُسلِّمُ بأنَّه غيرُ ذي مُروءةٍ؛ فإنَّه كالحُرِّ يَنقسِمُ إلى مَنْ له مُروءةٌ ومَن لا مُروءةَ له، وقد يَكونُ منهم الأُمراءُ والعُلماءُ والصالِحونَ والأَتقياءُ.

سُئلَ إِياسُ بنُ مُعاويةَ عن شَهادةِ العَبيدِ فقالَ: أنا أرُدُّ شَهادةَ عبدِ العَزيزِ بنِ صُهَيبٍ، وكانَ منهم زِيادُ بنُ أَبي زيادٍ مَولى ابنِ عَباسٍ من العُلماءِ الزُّهادِ، وكانَ عُمرُ بنُ عبدِ العَزيزِ يَرفَعُ قَدرَه ويُكرِمُه، ومنهم عِكرِمةُ مَولى ابنِ عَباسٍ، أحدُ العُلماءِ الثِّقاتِ، وكَثيرٌ من العُلماءِ المَوالي كانوا عَبيدًا أو أَبناءَ عَبيدٍ لم يَحدُثْ فيهم بالإِعتاقِ إلا الحُريةُ، والحُريةُ لا تُغيرُ طَبعًا ولا تُحدِثُ عِلمًا ولا مُروءةً، ولا يُقبلُ منهم إلا مَنْ كانَ ذا مُروءةٍ، ولا يَصحُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>